نبيل سالم
يتجه المشهد السياسي في «إسرائيل» نحو المزيد من الغموض، في ظل إخفاق رئيس حزب «أزرق أبيض» بيني جانتس في تشكيل الحكومة خلال المدة الممنوحة له، حيث رفض رئيس دولة الاحتلال رؤوفين ريفلين، طلباً تقدم به جانتس بتمديد تلك المهلة 14 يوماً إضافياً، بعد انتهائها في الثاني عشر من الشهر الجاري، لكن اللافت في الأمر أن ريفلين أكد في تصريح له بهذا الشأن أنه اتخذ قراره برفض طلب جانتس، بعد محادثات جرت بينه وبين رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتانياهو، الذي استبعد التوصل إلى اتفاق حول حكومة وحدة وطنية مع «أزرق أبيض».
وقالت القناة العبرية 12 إن ريفلين قد لا يستطيع منح جانتس تمديداً، معتبرة أن هناك سيناريوهين الأول إذا اجتمع نتنياهو وجانتس وقالا إنهما بحاجة إلى مزيد من الوقت لإنهاء محادثات الوحدة وحل بنود النزاع الفردي (بما في ذلك اللجنة القضائية)، حيث من المستبعد أن يتم منح جانتس 14 يوماً أخرى.
والثاني إذا لم يتفق الاثنان، فلن يسمح بتمرير التفويض إلى نتنياهو، لكنه سيعيد ريفلين مباشرة إلى الكنيست، وإخباره بأنه لا يوجد مرشح، وعليه ستتم الدعوة لانتخابات رابعة، لكن العقبة هنا تبرز مع انشغال «الإسرائيليين» بتداعيات انتشار فيروس كورونا، حيث يتساءل المحللون حول إمكانية عقد انتخابات جديدة في ظل انتشاره منذ أشهر.
وكان كل من رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو وخصمه بيني جانتس، رئيس حزب أزرق أبيض، قد تبادلا الاتهامات بشأن تشكيل الحكومة، حيث اتهم نتنياهو خصمه بتعطيله لمساعي تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومحاولة إفشال جهوده من أجل الوصول مرة رابعة إلى انتخابات جديدة، في حين ندد جانتس بقرار نتنياهو تعطيل عمل الكنيست بحجة تفادي انتشار فيروس كورونا.
ومع أن بنيامين نتنياهو تعرض للكثير من الانتقادات من أحزاب مختلفة بسبب الإجراءات التي اتخذها بحجة الحد من تفشي الوباء، ومنها تكنولوجيا رقمية تستخدم في الحروب، إلا أن انتقادات جانتس له تلمح إلى استغلال نتنياهو للأزمة، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه مازال معنيّاً بتشكيل حكومة طوارئ وطنية، لكنها لن تكون بأي ثمن.
ورغم استغلال بنيامين نتنياهو رفض الرئيس «الإسرائيلي» إعطاء مهلة إضافية لبيني جانتس لتشكيل الحكومة، بإعلانه استعداده لتشكيلها، إلا أن قضايا الفساد التي يتهم فيها، تبدو عائقاً حقيقياً أمامه، وكانت المحادثات المبكرة على إمكانية تولي رئاسة الوزراء بالتناوب قد فشلت، خاصة مع رفض جانتس، الانضمام لحكومة يقودها نتنياهو، مشيراً إلى احتمال توجيه اتهامات لنتنياهو في ثلاث قضايا فساد، رافضاً في الوقت ذاته أي حكومة تضم الأحزاب الدينية، شريكة نتنياهو.
ومع أن نتنياهو قد لا يواجه أي التزام قانوني بترك الحكومة إذا ما وجهت له اتهامات، لكن توجيه اتهامات جنائية له، ومدى شدتها، قد يضعفه سياسياً بدرجة كبيرة، حيث إنه يلاحق باتهامات بالاحتيال وخيانة الأمانة والرشوة.
ويُذكر أنه عقب تسلّمه كتاب التفويض من رئيس دولة الاحتلال رؤوفين ريفلين، في منتصف مارس/ آذار الماضي، تعهّد زعيم تحالف «أزرق أبيض» بيني جانتس، بعمل كل ما بوسعه لتشكيل حكومة وطنية واسعة، وطالب بتقديم رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية بنيامين نتنياهو إلى المحاكمة والعدالة، مؤكداً أنه «لا أحد فوق القانون في إسرائيل»، على حد قوله.
وهكذا وفي ظل هذه التناقضات التي تعيشها «إسرائيل» بعد الانتخابات وتعثر تشكيل الحكومة الجديدة، يتساءل الكثير من المراقبين، عما إذا كان بمقدور نتنياهو الدفع باتجاه انتخابات رابعة، تخلط الأمور من جديد، أو تؤخر على الأقل سقوطه السياسي، بعد فشله الأخير، وعدم وجود أي مسار واضح أمامه للنجاح.