أحمد عبد الرحمن
لم يعُد مستغرباً أن تتفجر بين الفينة والأخرى في قطاع غزة جولة من جولات القتال الدامي بين فصائل المقاومة الفلسطينية من جهة والعدو الصهيوني من جهةٍ أخرى !!
فمنذ توقيع اتفاق التهدئة في القاهرة بعد عدوان 2014 م والذي نص على ” وقف الأعمال العدائية بين الطرفين ” ، وتخفيف الحصار عن قطاع غزة ، وبحث إقامة بعض المشاريع كالمطار والميناء وغيرها، منذ ذلك الحين ونحن نشهد كل عدة أشهر جولة قتال تستمر عدة أيام ومن ثم يتم العودة للهدوء بعد تدخل من الوساطات الإقليمية والأممية .
والسبب الأساسي من وجهة نظر معظم المتابعين لتكرار تلك الاحداث هو عدم التزام العدو “الصهيوني” بتنفيذ أيٍ من تفاهمات التهدئة ، بل على العكس ازدادت أساليب حصاره للقطاع المنكوب ، واستمرت توغلاته للحدود تحت ذرائع مختلفة ، وقتل وجرح من شباب وشابات شعبنا العزيز الآلاف على خلفية مشاركتهم في مسيرات العودة السلمية .
وبالتالي كانت المقاومة على الدوام تمارس دورها المنوط بها والمكلّفة فيه وهو الدفاع عن أبناء شعبها في وجه ذلك التغول الصهيوني ، وهذا الحق مكفول لها شرعياً واخلاقياً وقانونياً ، ولا يستطيع أحد على وجه الكون ان يسلب منها هذا الحق ، أو أن يصادر منها هذا الخيار .
ولكن الملفت للنظر خلال تلك الجولات أن من كان يقود ويتصدر معظم تلك المواجهات هي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ، وقدمت في سبيل ذلك خيرة مجاهديها وقادتها شهداء ، وتعرضت للتضييق والحصار والابتزاز من العديد من الجهات في الداخل والخارج !! وشُنت ضدها الكثير من حملات التشهير والتخوين تحت ذريعة الارتهان لقوى إقليمية معينة !!
ولكن رغم ذلك استمرت الحركة في مسيرتها بقوة وثبات غير آبهة بكل ما يجري من حولها ، مؤكدة في الوقت نفسه ان خياراتها على المستويين السياسي والعسكري لها هدف واحد فقط !! وهو مواجهة المشروع الصهيوني على أرض فلسطين !! وان فلسطين كانت وما زالت القضية المركزية التي يجب أن تتوحد في سبيلها كل الجهود ، وتُسَخّر من اجلها كل الطاقات .
وبالتالي يمكن أن نعرف بشكل لا لبس فيه ان الهدف الرئيسي الذي تسعى حركة الجهاد الإسلامي لتحقيقه ومستعدة لبذل الغالي والنفيس في سبيله هو تحرير فلسطين كل فلسطين من بحرها غرباً إلى نهرها شرقاً من أسوا احتلال عرفته البشرية خلال العقود الماضية ، وهي تعرف ان هذا التحرير يحتاج منها بذل كل الجهود وتقديم كل التضحيات من اجل تحقيقه والوصول إليه .
وفي سبيل الوصول لذلك الهدف تؤمن الحركة بضرورة توحد كل القوى والجبهات خلف خيار المقاومة ، لأنه الخيار الوحيد الذي يمكن ان يدفع العدو الصهيوني للتراجع والاندحار ، وان التجربة التي خاضتها العديد من القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية في هذا الإطار يجب ان يتم الاستفادة منها والبناء عليها .
كما تؤمن الحركة بأن الوحدة العربية والإسلامية بمفهومها الشامل ضرورة ملحة لمواجهة القوي الاستعمارية الكبرى التي تقف خلف هذا الكيان الذي يفتقد لأدوات الحياة بشكل منفرد ، وأن الحبل السرّي الذي يحافظ على حياة ” إسرائيل ” هو الدعم المستمر واللامحدود من القوى الكبرى التي تريدها رأس حربة في مواجهة قوى التحرر في المنطقة .
لذلك من الضروري والبديهي حسب رؤية الحركة ان يكون هناك تكتل إسلامي وعربي قوي ومتماسك للوقوف في وجه ذلك التكتل المجرم الذي يمارس دور الشرطي على جميع دول العالم .
وتعتقد الحركة أن الطريق الأقصر والاجدى للوصول إلى الأهداف آنفة الذكر هو المقاومة المسلحة ، مع عدم استبعادها للطرق والوسائل الأخرى كالمقاومة الشعبية على سبيل المثال .
وبناء على ما تقدم فإن المرحلة القادمة ستكون مرحلة صعبة وحاسمة في تاريخ ومستقبل حركة الجهاد ، واستهدافها ومحاولة الحد من تأثيرها ونشاطها سيكون اولوية لدي العديد من الدوائر التي يقف على رأسها العدو الصهيوني .
ولكن معرفتنا بتلك الحركة وقادتها وعناصرها تجعلنا مطمئنين إلى انها ستتخطى كل تلك الازمات والاستهدافات ، وأن خسارة قائد هنا أو قائد هناك لن تجعلها تتراجع وتنكسر !!
فقد قدمت من قبل أمينها العام المؤسس الدكتور فتجي الشقاقي شهيدا على طريق الحرية والاستقلال ، وقدمت خيرة قادتها ومجاهديها على نفس الطريق !! ولم يدفعها ذلك لمجرد التفكير في تغيير طريقتها أو تبديل خياراتها !!
كل يوم تؤكد هذه الحركة بالدم والأشلاء وليس بالكلام أنها مصرة على استكمال طريق المقاومة والتحرير مهما بلغت التضحيات، وان فلسطين وشعبها العزيز يستحق منها ومن كل القوى والفصائل اكثر من ذلك بكثير .