Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

كفى تدليسًا باسم فلسطين وشعبها !

قناة فلسطين اليوم

| زاهر أبو حمدة

نعيش في تدليس غريب وغسيل عقول للرّأي العام وتغيير مفاهيم، مثلاً، تقول بعض النّخب: "إنّ الفلسطينيّين طبّعوا مع الاحتلال، لماذا لا يطبع العرب؟ وإذا باع الفلسطيني أرضه وقضيّته، لماذا لا نبيع قبل الفرصة ما تضيع؟ وإذا الفلسطينيّ لم يفعل شيئًا لمواجهة خطة نتنياهو – ترامب، ماذا يفعل العرب شعبًا وحكومات؟".

أوّلاً: الاتّفاقات الفلسطينيّة مع الاحتلال أتت بعد كامب ديفيد ووادي عربة، يعني أوسلو نتيجة وليس سببًا، وهذا يحتاج لإسهاب طويل لأنّ الفلسطينيّ حين خسر العمق الاستراتيجيّ الميدانيّ والسياسيّ، اضطّرّ للذّهاب إلى سياق المفاوضات وتأمين جغرافيا مهما كانت ليقاوم وليس ليستسلم.

ثانيًا: فلسطين ليست للفلسطينيّين فقط، ومحاولة تصوير الصّراع على أنّه فلسطينيّ - صهيونيّ هو تقزيم وفبركة للواقع، لأنّه في الأصل صراعي إنسانيّ - صهيونيّ/ عربيّ – صهيونيّ، وبالتّالي "ليقلع كلّ طرف شوكه بيده" هروب من المسؤوليّة لا أكثر. وإذا عدنا بالتّاريخ نجد أنّ غالبيّة من باعوا الأراضي الفلسطينيّة للوكالة اليهوديّة هم عرب وليسوا فلسطينيّين وهذا مثبت في أكثر من مرجع عربيّ وفلسطينيّ، ولولا "الخديعة العربيّة" عبر جيش الإنقاذ ما كانت النّكبة بأحداثها المأساويّة، والآن يتنكّرون لأفعالهم وتحميل المسؤوليّة للفلسطينيّ وتصويره على أنّه مهزوم ومهرول للتّسوية مهما كانت.

ثالثًا: استغلّ بعض العرب القضيّة الفلسطينيّة لتثبيت حكمهم أو لنيل الرّضا الأميركيّ، وعلى هذا أكثر من دليل ودليل، آخره لقاء عبد الفتاح البرهان وبنيامين نتنياهو، ليحصل على ثناء إسرائيليّ أميركيّ وحذف السّودان من قائمة الإرهاب وتثبيت حكمه.

رابعًا: هناك عقدة نقص عند البعض تجاه الفلسطينيّ، تقوم على تساؤل: كيف هذا الفلسطيني لا يملك وطنًا لكنّه متعلّم وناجح في عمله ومبدع في أفكاره؟ ترى الحسد في عيونهم لدرجة أنّهم يحسدونك على إقامتك في مخيّم؟ ويحاول أحدهم تفريغ هذه العقدة النفسيّة بالهجوم على الفلسطينيّ مهما كانت المسألة ولو كانت متعلّقة بـ"الإجهاض الإرادي" لأنثى الدّبّ القطبيّ.

خامسًا: يريد البعض للفلسطينيّ أن يبقى في دائرة التّضحية والموت، وبكلّ وقاحة تراه يكتب تغريدة أو يقول في نقاشاته، إذا الفلسطينيّ لم يتظاهر لماذا أتظاهر؟ يريد منه أن يموت ليترحّم عليه ويكمل حياته؟ لكن هؤلاء المعاتيه لا يقرأون الصّحف، ولا يشاهدون نشرات الأخبار ليعرفوا أنّه يوميًّا في فلسطين شهيد أو أسير أو تدمير بيت أو تصدٍّ لاعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال، وأنّ صمود هذا الشعب لمدّة قرن عبر ثوراته وانتفاضاته المتواصلة يعتبر إنجازًا مبهرًا في تاريخ الشّعوب، ويكفي مثلاً، أنّ الجيل الجديد في أراضي فلسطين 48 ما زال يتحدّث العربيّة باللّهجة الفلسطينيّة على الرّغم من كلّ سياسات الاحتلال عبر "عبرنة" الجغرافيا والتّاريخ والثّقافة واليوميّات البسيطة.

سادسًا: هي المنظومة نفسها تروّج للتّطبيع وتدير جيشًا من المؤثّرين التّافهين ليسوقوا كذبة "المسجد الأقصى ليس موجودًا في فلسطين وغير مقدّس"، وهم من فبركوا أكذوبة "الفلسطيني باع أرضه" وأنّ "إسرائيل دولة ديمقراطية متطورة يجب تقليدها" وأن "إسرائيل لم تفعل هكذا بالفلسطينيّين مثل ما يفعل فلان أو علّان بشعبه أو بشعوب أخرى". هذه المنظومة معروفة المُوجّه والمموّل لأنسنة القاتل ويصبح الإسرائيليّ المحتلّ إنسانًا عاديًّا، ووجوده في عواصمنا واجبًا ومهمًّا للمستقبل المُشرق في المشرق.

سابعًا: تريد حكومات كثيرة تبرير وجود القواعد الأميركيّة على أراضيها، وأنّها مجرّد بيدق بيد السّفير الأميركيّ، ولا تستطيع القول "لا" للأميركي، فتتفاجأ أنّ هناك من يقول "لا" وهو بنظرها ضعيف لا يملك أوراق قوة مثل الفلسطينيّ. فالضّالع بالرّذيلة يحاول توريط الجميع برذيلته ليصبحوا متساويين لا أكثر.
دوافع كثيرة ليبيع أحدهم معتقداته ومبادئه، لكن يفضّل ألّا يتذرّع بالفلسطينيّ ليبيع، لأنّ السّوق مكشوف والعرض والطلب ليس سريًّا. لكنّ اليقين بكلّ المقاييس أنّ البائع يتحوّل سلعة مع الوقت، ولن ننساه أو نغفر له.