ليست بالتصريحات العنترية ولا بالتلميحات الاستفزازية, ولا بالوعود والآمال تمنح الاوطان للأعداء, نحن ندرك اكثر من أي وقت مضى ان السفير الامريكي في اسرائيل ديفيد فريدمان يعبر عن موقف الادارة الامريكية في تصريحاته ضد الفلسطينيين, وبات المخطط واضحا, لان واشنطن لا ترى من يتصدى لسياستها الهوجاء, ولا تجد في الدول العربية ندا حقيقيا لمواجهة سياستها في المنطقة, فمن يدير السياسة الامريكية في العالم هي ادارة يترأسها ترامب المتصهين وفريقه من المتحمسين لصالح اسرائيل والذين يتحدون العالم من اجلها, ويحاولون تغيير وضعها في المنطقة بما يخدم استمرارها وحضورها لسنين طوال, ولكنهم لا يقرؤون التاريخ ولا يعرفون ان اصحاب الحق دائما هم المنتصرون, ذلك لأنهم يؤمنون بأن القوة فقط هي التي تضمن الاستمرارية والبقاء, وان منطق شريعة الغاب هو الذي يحكم ويدير شؤون العالم, ومن تحكمه هذه النظريات مصيره سيكون كمصير الطغاة على مر العصور من الذين تغولوا وعاثوا في الارض فسادا, ولكنهم سرعان ما تحولوا لعبرة لمن لا يعتبر, فنهابتهم ليست طبيعية, والعار الذي سيلحقهم ليس بالهزيمة فقط انما بأكثر من ذلك, فتنتهي حياتهم اما بالانتحار كما حدث مع هتلر, او الاعدام في ميدان عام كما حدث مع الرئيس الروماني تشاوتشيسكو, او المرض النفسي والانعزال عن العالم كما حدث مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وغيره من الزعماء الذي انتهى به المقام وهو هارب خارج بلاده ومعزول في المنفى.
امريكا تشعر ان اسرائيل ليست في امان في المنطقة العربية, لذلك تحاول مساندتها بقوة, وتعادي كل من يعادي اسرائيل او يقف الى جانب حقوق الشعب الفلسطيني, لذلك تخرج تصريحات عنتيرية على لسان فريدمان لكنها بلا قيمة, وتبقى مجرد تصريحات مشلولة وغير قابلة للحياة, تحاول من خلالها الادارة الامريكية احياء آمال اسرائيل بالبقاء والتعايش في المنطقة, هذه الآمال التي لم تقنع الاسرائيليين انفسهم, فهم يعلمون تماما انهم الى زوال, وان كيانهم الغاصب غير قابل للحياة, وان الارض التي تنتمي الى اصحابها ستلفظهم لا محالة طال الزمان ام قصر, ولو ان الادارة الامريكية كانت بالفعل قادرة على مساندة اسرائيل وابقائها بسلام في المنطقة, لطرحت ما تسمى بصفقة العصر, ولما اجلت الكشف عنها عدة مرات, ولما خرجت من ورشة البحرين المشؤومة تجر اذيال الهزيمة رغم كل الدعم الرسمي العربي الذي تلقته, لكن امريكا تدرك ان فك عزلة اسرائيل ليس بمواقف الرسميين العرب, وليس بالتماهي الرسمي العربي مع السياسة الامريكية, المعضلة تكمن في امة المليار وثماني مائة مليون الذين يعادون هذا الكيان المجرم المسمى «اسرائيل» فطريا, وكل ما تسعى اليه الادارة الامريكية مد عمر اسرائيل في المنطقة, من خلال هذه الخطوات والتصريحات العنترية لبومبيو وفريدمان وكوشنير ومن قبلهم زعيمهم ترامب, منحوهم القدس ومنحوهم الضفة ومنحوهم الجولان, لكننا لا زلنا اصحاب الحق نجابههم في الضفة والقدس والجولان, والاقصى شاهد علينا يا فريدمان.
نعم الاقصى شاهد على نضال شعبنا الفلسطيني كله, فهو عنوان المرحلة خلال الفترة القادمة, لأنه سيكون محور الصراع بين شعبنا الفلسطيني والامة الاسلامية والاحتلال الصهيوني ومحور الشر في المنطقة ممثلا بالإدارة الامريكية وحلفائها, والمعركة التي لن تنتهي الا بتحرير فلسطين كل فلسطين من نهرها لبحرها, مصداقا لقول الله عز وجل في سورة الاسراء «فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم, وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة, وليتبروا ما علو تتبيرا», فهل بقدرة ترامب وبومبيو وكوشنير وفريدمان تحدي وعد الله بالنصر والتمكين لعباده المؤمنين, بالطبع لا فنحن على يقين بنصر الله عز وجل, وهو الذي يسبب الاسباب لهذا التغيير, والشرق الاوسط الآن مقبل على تغيرات كبيرة وتحالفات جديدة في المنطقة, وهذا سيكون له انعكاسات ايجابية على القضية الفلسطينية, وهنا يجب التركيز على ان يبقى نضالنا على ارضنا فلسطين مستمراً ومشتعلا في وجه الاحتلال, مهما كانت قرارات ترامب, فالحق اقوى من الباطل, ونحن اصحاب الحق, والاحتلال دائما الى زوال مهما كان مدعوما من قوى الشر في العالم, هكذا علمنا التاريخ.