Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

أميركا لن تغادر العراق إلا بالتي هي أسوأ..

وكالات

حماد صبح 

من المبكر جدا الفرح بطلب البرلمان العراقي في جلسة الأحد الاستثنائية من حكومة تصريف الأعمال برئاسة عادل عبد المهدي ؛ العمل على إنهاء تواجد أي قوات أجنبية ، والمقصود القوات الأميركية ، في البلاد ، ومنعها من استخدام الأراضي العراقية برا وجوا وبحرا لأي سبب ، وذلك بعد جريمة اغتيال أميركا لقاسم سليماني وأبي مهدي المهندس وستة من مرافقيهما .

 

 الحقيقة الماثلة الساطعة أن أمام تنفيذ هذا الطلب التشريعي عقبات كثيرة ، أولها نلحظه في قول عبد المهدي إن هناك خيارا آخر لهذا الطلب ، هو : " قصر دور القوات الأجنبية على مكافحة داعش ، وتدريب القوات العراقية " . في قول عبد المهدي بارقة تملص من تنفيذ الطلب . أليس هذا هو الهدف الأصلي من وجود هذه القوات ، ولو ادعاء ؟! ما الجديد إذن في هذا الخيار ؟! واضح أن عبد المهدي يناور لشعوره بصعوبة التخلص من هذه القوات ، وتخصيصا وأساسا القوات الأميركية التي إذا تم التخلص منها فما أسهل التخلص من القوات الأخرى لكونها في الواقع جزءا مما يسمى التحالف الدولي الذي تقوده أميركا .

وثاني هذه العقبات ظهر في تغيب السنة والأكراد عن جلسة البرلمان الذي يمثلهم فيه 159 نائبا يشكلون تقريبا نصف أعضاء البرلمان ال329 . تغيب هؤلاء الأعضاء رسالة مخالفة لطلب البرلمان . وألمحت أميركا إلى إعادة النظر في معايير اجتثاث حزب البعث تخفيفا من صرامة هذه المعايير ، وفي هذا إلماحة ود للسنة . والتغيب والإلماحة يفتحان الباب لأميركا للمناورة داخل الخلافات السياسية والمذهبية في العراق مما قد يعيق مغادرتها استجابة طلب البرلمان .

 

وثالث هذه العقبات حدده ترامب بجلافته وفظاظته حين هدد بغداد إذا أقرت رحيل القوات الأميركية برلمانيا بأنها سترغم  على دفع تكاليف قاعدة جوية أميركية ، قاعدة بلد أو البكر سابقا ، كلفت بلاده مليارات الدولارات ، ووسع تهديده قائلا : " سنفرض عليهم عقوبات لم يروا مثلها من قبل مطلقا ، وستكون عقوبات إيران شيئا صغيرا بجانبها " ، وهو تهديد خطير مفتوح على أسوأ الخطوات الإجرامية ، وأميركا هي أميركا عدوانا وشرا وإجراما  .

 

وهناك عقبة رابعة استراتيجية كبرى ، هي الرعب الإسرائيلي من الانسحاب الأميركي من العراق ، واتساعه حتما للانسحاب من سوريا ، وما سيترتب على الانسحابين من وهن النفوذ الأميركي في المنطقة الذي تستقوي به إسرائيل ، وتستثمره في خططها السياسية والعسكرية ، ولا يبارح بالَنا هنا دور إسرائيل الحاسم في حث أميركا على احتلال العراق في 2003 ، وحتى في اغتيال سليماني ، تقوم شكوك بمشاركة إسرائيلية ما ،  قد تنكشف في قادمات الأيام والأسابيع .

 

وانسجاما مع ما سلف نستبعد أن تستجيب أميركا لطلب الحكومة العراقية بالانسحاب ، فوجودها الحالي في البلاد امتداد لعدوانها عليها في 2003 ، وليس عملا باتفاق الإطار الاستراتيجي بين البلدين في 2008 الذي انسحب الجسم الرئيس للقوات الأميركية بموجبه في 2011 .

 

الاتفاق ما كان إلا تغطية مهذبة لامتداد الاحتلال ، وتقليلا لأعبائه على أميركا . أميركا ما جاءت إلى العراق بالحسنى لتغادره بها ، ولا مفر من إرغامها على مغادرته بالتي هي أسوأ ، أي لا مفر من مخاطبتها بالفيتنامي المبين الذي تفهمه حسنا ، فهل العراقيون ومعهم شرفاء العرب والمسلمين قادرون على هذا الخطاب الصارم الحاسم ؟! إذا تأكدت أميركا من قدرتهم عليه فلن تنتظر سماع كلماته الأولى .

 

المعتدي لا يفهم إلا لغة القوة التي يخاطب من يستضعفهم بها ، ومن أشرس وأنذل من أميركا اعتداء ؟! على كل حال ، تسرع المنطقة والعالم نحو أحداث جِسام بفعل الحماقة الأميركية الهوجاء .