ذكرت قناة 12 العبرية، أن "إسرائيل" قررت عدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، بأي شكلٍ من الأشكال، بعد القرار الذي اتُّخذ من المدعية العامة للمحكمة بفتح تحقيق في اتهامات ضد "إسرائيل" بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.
وبحسب القناة، فإن هناك جهات إسرائيلية قد تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، لكنها غير رسمية وهي منظمات خاصة غير تابعة للحكومة الإسرائيلية.
ونقلت القناة عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن هناك قلقاً حقيقياً من إصدار أوامر اعتقال ضد سياسيين وعسكريين من كبار الضباط، سواء أكانوا حاليين أو سابقين.
وأصدر أفيحاي ماندلبليت، المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، مساء السبت، بيانًا، اعتبر فيه قرار المدعية بأنه غير قانوني، وأن الجنائية الدولية لا تملك الاختصاص اللازم لإجراء أي تحقيقات، خاصةً أنها قبلت المضي قدمًا في الإجراءات القضائية ضد إسرائيل بعد أن قدمت شكاوى من السلطة الفلسطينية بشكل "غير قانوني"، وفق زعمه.
وقال: "لا يوجد للمحكمة أي اختصاص في التحقيق لأسباب قانونية واضحة، ولن يغير من الحقيقية القانونية لذلك"، مشيرًا إلى أن ذلك مبني على أن السلطة الفلسطينية "دولة" كما تعرفها المدعية الدولية، لكن السلطة ليست دولة ذات سيادة، وهناك اتفاق بينها وبين إسرائيل بحل النزاع بينهما ضمن المفاوضات المستقبلية.
وأشار إلى أن المدعية العامة للمحكمة رفضت مناقشة الرأي الذي قدمه (أي ماندلبليت) لها، قبيل إصدار قرارها، مضيفًا: "كانت هناك فرصة للقيام بذلك قبل اتخاذ القرار".
وزعم أنّ إسرائيل دولة قانون ديمقراطية وملتزمة باحترام القانون الدولي والقيم الإنسانية، مشيرًا إلى أنها تمتلك نظاماً قانونياً قويّاً ومستقلاً مدوناً اسمه في جميع أنحاء العالم، ولا يوجد مجال للتدخل القضائي الدولي في هذه الحالة، داعيًا المحكمة للتعامل مع "الفظائع الخطيرة التي ترتكب في أماكن أُخرى من العالم انهارت فيها سيادة القانون"، وفق قوله.
وأضاف: "كان عليها أن تدرس الوثيقة التي قدمنا إليها بشكل جيد وإجراء مناقشة شاملة ومتعمقة، لكن ليس من الواضح سبب رغبتها في طريقة اتخاذ هذا القرار المتسرع".
وأعاد ماندلبليت نشر رأيه القانوني بشأن قرار المدعية الذي أعده ونشره قبيل القرار بساعات قليلة، وادعى خلاله أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص العمل ولا تملك الصلاحية اللازمة من أجل ذلك في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، والثاني أن المحكمة يمكنها فقط العمل داخل دول ذات سيادة يمكنها منح الصلاحية للقيام بمهامها، وأن السلطة الفلسطينية لا تعد جهة ذات سيادة، ولا تفي بشروط وجود دولة وفقًا للقانون الدولي واتفاقية روما.
ورأى أن انضمام الفلسطينيين إلى معاهدة روما لا يعد بديلًا للاختبار الموضوعي والجوهري الذي يُمكّنها من منح المحكمة صلاحيات للعمل في دولة ذات سيادة.
وأوضح أن هناك اتفاقيات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، يدعمها المجتمع الدولي تتمثل في أنّ أي خلافات تتعلق بالصراع المشترك يتم حلها فقط ضمن المفاوضات، وأنه بتوجه الفلسطينيين للمحكمة فإن ذلك يعني كسر الإطار المتفق عليه بين الطرفين، ودفع المحكمة إلى اتخاذ قرار بشأن المسائل السياسية التي يجب حلها عبر المفاوضات، وليس من خلال الإجراءات الجنائية في ظل غياب اتفاق بين الطرفين، مشيرًا إلى أن المحكمة لا تملك الصلاحية للنظر في هذه القضايا.
ويتزامن ذلك مع تصريحات متتالية أطلقها سياسيون إسرائيليون من الحكومة والكنيست، مساء السبت، حول قرار المحكمة.
وقال بيني غانتس، زعيم حزب أزرق - أبيض، إنه لا يوجد أي أساس للمطالبة بالتحقيق ضد إسرائيل، مشيرًا إلى أن إسرائيل بأكملها في الائتلاف الحكومي والمعارضة وغيرها تقف صفًا واحدًا للدفاع عن نفسها، وستكافح وتناضل من أجل ذلك.
واعتبر أن القرار سياسي ولم يكن وفق القانون، واصفًا الجيش الإسرائيلي بأنه "أكثر الجيوش الأخلاقية في العالم"!، وفق زعمه، مشيرًا إلى أن إسرائيل وجيشها لا يرتكبان أي جرائم حرب، كما ادعى.
من جانبها، قالت إيليت شاكيد، عضو الكنيست وزعيمة حزب اليمين الجديد، إنه يجب على إسرائيل مواجهة هذا القرار ومحاربته بكل الأدوات المتاحة لها.
واعتبرت أن القرار سياسي، "ولكن ليس للمحكمة أي سلطة للقيام بمثل هذه التحقيقات"، كما قالت.
فيما وصف وزير النقل والمواصلات بتسلئيل سموتريتش المحكمة بأنها "هيئة سياسية معادية للسامية"، داعيًا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى منح السلطة الفلسطينية مهلة 48 ساعة لسحب أي مطالبات وشكاوى بالتحقيق ضد "إسرائيل"، وإلا فستنهار على الفور.
وقال موجهًا كلامه لنتنياهو: "كان عليك القيام بذلك منذ وقت طويل، حين طلبت السلطة أن تكون دولة مراقبة في الأمم المتحدة عام 2015"، معتبرًا المزايا التي باتت تتمتع بها السلطة تتسبّب بضرر سياسي كبير لإسرائيل.
ودعا إلى العمل على هدم الخان الأحمر بدءًا من غد، وهدم كل مبنى وموقع غير قانوني دعم من العرب والأوروبيين، داعيًا إلى استغلال الدعم الأميركي في مواجهة كل المحاولات الرامية لاستهداف إسرائيل.
من ناحيته، قال داني دانون، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، إن هذا القرار بمثابة "اضطهاد لدولة إسرائيل"، مضيفًا: "الشعب اليهودي له حقوق تاريخية وقانونية في أرضه، ولن تمحوها فطنة قانونية".