قال كاتب "إسرائيلي"، إن "الوضع الأمني في إسرائيل ذاهب إلى التدهور خلال السنة الوشيكة، ويمتد هذا التدهور من قطاع غزة إلى إيران، على اعتبار أن الجبهة الشمالية التي تتصدى لها إسرائيل تبدأ في بيروت، وتنتهي في طهران، مرورا بدمشق وبغداد، والهجمات الإسرائيلية ضدها لا أظن أنها ستمر دون رد إيراني، في حين أن الأنظار الإسرائيلية تتوجه كلها إلى قطاع غزة".
وأضاف ألون بن دافيد الخبير العسكري "الإسرائيلي" في تقريره على القناة التلفزيونية 13، وترجمته "عربي21" أن "الشهور الأخيرة شهدت تجسيدا جديدا لوضع أمني قد يضع حدا لثلاثة عشر عاما من الهدوء، فقد انتهى الزمن الذي تعمل فيه إسرائيل في سوريا دون رد إيراني، ففي طهران يجدون صعوبة في تحمل المزيد من الضربات دون رد، وهناك نوايا إيرانية واضحة في الاستعداد لتحضير ردود على الهجمات الإسرائيلية".
وأكد بن دافيد، أن "الأيام الحالية ربما تشهد تحضيرات يقوم بها الجنرال قاسم سليماني، وفي الوقت ذاته تبقى عين إسرائيل مسلطة باتجاه قطاع غزة، من خلال مهاجمة إسرائيل أو إطلاق الصواريخ باتجاهها، ما يعني أن إسرائيل تترقب كلا الجبهتين، وتخرج باستنتاج مفاده أن السنة القادمة تبدو أقل هدوءا من الناحية الأمنية مقابل السنة اليهودية المنصرمة".
وأوضح أن "الشرق الأوسط شهد تطورا خطيرا تمثل بمهاجمة منشآت النفط السعودية التي شكلت اختبارا للقدرات الإيرانية، وقد أدرك الإيرانيون أن الولايات المتحدة تبدي ضبطا للنفس، وتبقى مكتوفة الأيدي أمام السعوديين، وقد رأى الإيرانيون أن الأمريكيين خانوا حلفاءهم الأكراد ودول الخليج، مما يعني أن إسرائيل ستبقى وحدها في هذه المعركة، وبإمكانهم الدخول في مواجهة عسكرية معها".
وأشار إلى أن "هذا التطور يعتبر طوق النجاة لطهران أمام سلسلة العقوبات الدولية عليها، ويقصد منها منح إسرائيل القدرة على السيطرة على الشرق الأوسط، وقد تمثل التهديد الإيراني بما أعلنه الجنرال أفيف كوخافي قائد هيئة الأركان الإسرائيلية الذي حذر من تدهور الوضع الأمني، وصولا إلى حرب في المرحلة القريبة في ظل التغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط".
وأكد أن "الوضع في الجبهتين الشمالية والجنوبية متوتر وهش للغاية، وقابل للتدهور في أي مواجهة عسكرية، رغم أن أعداءنا لا يريدونها، مما يجعل الجيش في حالة استعدادات وجاهزية غير مسبوقة، لأن التحدي الاستراتيجي الأساسي لإسرائيل يكمن في الجبهة الشمالية المستندة إلى وجود قوات إيرانية في سوريا، ومشروع الصواريخ الدقيقة، واعتماد إيران على أراضي الدول الأخرى، وتحديدا لبنان وسوريا، وكذلك العراق".
وأضاف أن "الإيرانيين يقيمون مليشيات مسلحة في تلك الدول، رغم إن إسرائيل قامت في الآونة الأخيرة بشن سلسلة هجمات على مواقع هذه المجموعات العسكرية".
وختم بالقول بأن "التحذير الإسرائيلي من التدهور إلى حرب في المنطقة، يأتي على خلفية قرار الرئيس الأمريكي بالانسحاب من سوريا خصوصا، ومن الشرق الأوسط عموما، وفقدان الرد على الهجمات الإيرانية على منشآت النفط السعودية، والخشية الإسرائيلية أن عدم وجود رد على إيران سيشجعها على المزيد من التصعيد، وربما تكون أمام إسرائيل في المرة القادمة".
وفي السياق ذاته، رجحت صحيفة "هآرتس" العبرية، حدوث جولة جديدة من المواجهة بين طهران و"تل أبيب".
وأكدت في تقرير نشرته للخبير "الإسرائيلي" عاموس هرئيل، أن "المشكلة ستحدث آجلا أم عاجلا؛ لأن الجهود الإيرانية التي تبذل لتهريب السلاح لحزب الله في لبنان ونشر قواعد عسكرية في سوريا، ووضع وسائل قتالية في العراق، لم تتوقف حتى بعد حملة مكثفة من الهجمات الجوية المنسوبة لإسرائيل".
ونوهت إلى أن "طهران في عدة مناسبات أعطت إشارات، تفيد أن الحساب مع تل أبيب عن الهجمات السابقة ما زال مفتوحا، فإيران وضعت مؤخرا معادلة جديدة، وفقها؛ كل هجوم إسرائيلي سيرد عليه برد عسكري سريع، ومن هنا؛ فالنتيجة المحتملة، أن الجولة القادمة للمواجهة بين الطرفين قريبة جدا".
وأضافت: "من الممكن أن يحدث هذا نتيجة عملية إحباط إسرائيلية لبرنامج انتقامي إيراني، أو بسبب عملية يبادر إليها الجيش الإسرائيلي موجهة ضد زيادة قوة إيران في المنطقة"، موضحة أن "التقدير يتعزز، بأن عدم الاستقرار في ساحات مختلفة يمكن أن يستمر لمدة طويلة، لأنها تؤثر كل واحدة منها على الأخرى أكثر مما كان في السابق".
وأشارت الصحيفة إلى التحذير الذي أطلقه رئيس الأركان أفيف كوخافي، حول هشاشة الوضع في الشمال والجنوب، الذي من الممكن أن يتدهور إلى حرب، منوهة أيضا إلى أنه "لا يمكن تجاهل السياق السياسي الإسرائيلي الداخلي".
وتابعت: "اللاعبون الرئيسيون في المفاوضات الائتلافية، الرئيس رؤوبين ريفلين ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس "أزرق أبيض" بني غانتس، يكثرون من الحديث بنغمة حزينة عن تغير حقيقي في الوضع الأمني، كما أن نتنياهو اتهم غانتس بتجاهل هذه الأخطار".
وفي إشارة لعدم ثقتها بحديث كوخافي حينما قال: "اتخاذ القرارات هو أمر مهني وموضوعي ومحسوب، حسب ما تفتضيه مصالح إسرائيل"، علقت الصحيفة بقولها: "سنعيش ونرى".
وأرجعت "هآرتس" "زيادة التوتر بين إسرائيل وإيران، بسبب ظاهرة استمرار الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط"، مضيفة: "مؤخرا تبين للجميع، باستثناء حفنة من الأتباع الأغبياء، أبعاد الفشل الذريع عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته من شمال سوريا، وإخلاء الطريق للقوات التركية".
وأكدت أن "خطوة الانسحاب أفادت الروس والأتراك ونظام بشار الأسد وداعش، وبمستوى معين إيران، وأضرت الأكراد، وإسرائيل لم تكسب منها أي شيء"، موضحة أن "ترامب أبقى على عدد قليل من الجنود في جنوب سوريا، بناء على طلب إسرائيلي أردني".
وأفادت أن "ترامب اتخذ قراره الأخير بعدما عرضت عليه خريطة، أبرز فيها مواقع آبار النفط في المنطقة"، مضيفة: "عندما يعتبر كل شيء صفقة عقارية، يمكن إلقاء الأكراد كأداة لم يعد مرغوبا فيها، ويمكن إرسال المزيد من الجنود الأمريكيين للدفاع عن السعوديين الذين هم على استعداد للدفع مقابل تعزيز الحماية".
و "على خلفية الفشل الذي أظهره ترامب، يبدو الوضع الإقليمي الإيراني معقولا جدا، فترامب لا يخفي الرغبة في العودة لطاولة المفاوضات وبحث اتفاق نووي بشروط جديدة، وطهران تريد ذلك من موقع قوة، ولكن ليس على الفور"، بحسب الصحيفة التي بينت أنه "برغم قساوة العقوبات الأمريكية، لكنها لم تؤد إلى انهيار الاقتصاد الإيراني، كما أن جهود التهريب والتمركز العسكري في المنطقة تواصل".