واضح بان ما كشف عنه ميكي ليفي قائد لواء شرطة الإحتلال السابق لمدينة القدس وعضو حزب ازرق أبيض، لا يختلف تفكيره بشأن سكان المدينة العرب ومصيرها عن تفكير لا ليبرمان ولا نتنياهو ولا حتى غانيتس الذي اعتبره البعض منا ب" المنقذ"،فهو يقول بأن ما يتخذ من عقوبات جماعية واستفزازات وتضيق الخناق على اهالي العيساوية،يندرج في إطار مخطط سياسي متكامل ومدروس،وليس مجرد تعليمات او موقف ووجهة نظر من ولِ هذا القائد او ذاك،فميكي ليفي قائد الشرطة السابق،عندما يدعو الى تجريد سكان القدس العرب من حق الإقامة،والمقصود هنا سحب الهويات الإسرائيلية " الزرقاء" منهم،ويفاخر بانه صاحب فكرة إخراج مخيم شعفاط خارج جدار الفصل العنصري،ويدعو للإنفصال عن القرى المقدسية داخل جدار الفصل العنصري،خوفاً من الخطر الديمغرافي على مدينة،فهو يعبر عن عقلية عنصرية متطرفة،تتبناها الأغلبية الساحقة من الأحزاب الإسرائيلية من يمين ديني وعلماني وحتى ما يسمى باليسار الصهيوني يتقاطع معها في هذه المواقف، والتي تنظُر الى شعبنا على انه بمثابة قنبلة ديمغرافية،تشكل خطر على يهودية الدولة،وعلى " نقاء" القدس كعاصمة لما يسمى بدولة الإحتلال،ولذلك شهدنا من بعد الهبات الشعبية المتلاحقة في مدينة القدس منذ هبة الشهيد الفتى محمد ابو خضير تموز /2014 طرح العديد من المشاريع والأفكار المقترحة والخطط التي طرحت لتعديل الواقع الديمغرافي في المدينة،لكي يصبح ذو أغلبية يهودية كبيرة،ولكي ينسجم ذلك مع قرار المتطرف ترامب بإعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال،بعد نقل سفارة بلاده إليها والإعتراف بها كعاصمة لدولة الاحتلال.
كان هناك العديد من خطط الإنفصال والتخلي عن الأحياء الفلسطينية داخل حدود ما يعرف ببلدية القدس خطة الوزير وعضو الكنيست السابق حاييم رامون ومعه مجموعة من الجنرالات العسكريين والأمنيين المتقاعدين،ومن بعده خطط لحاييم هيرتصوغ زعيم حزب العمل السابق وزئيف اليكن الليكودي وزير ما يسمى بشؤون القدس وعنات باركو عضو الكنيست عن الليكود،كلها تصب في كيفية الحفاظ على ميزان ديمغرافي مختل بشكل كبير في المدينة لجهة تهويدها وأسرلتها وتشريعها كعاصمة لدولة الإحتلال،سواء بالإنفصال عن القرى والبلدات العربية داخل جدار الفصل العنصري وخارجه،او لجهة توسيع حدود ما يسمى ببلدية القدس لكي تصبح مساحتها 10% من مساحة الضفة الغربية،وبما يضم الكتل الإستيطانية الكبرى إليها من جنوب غرب القدس،مجمع "غوش عتصيون" الإستيطاني الى شمال شرقها ،مجمع " معاليه ادوميم" الإستيطاني،وهذا يعني بالملوس ضخ 150 ألف مستوطن اليها،على ان يترافق ذلك مع اخراج أكثر من 100 ألف مواطن مقدسي سكان البلدات والقرى الفلسطينية الواقعة خلف جدار الفصل العنصري كفر عقب وسميراميس ومخيم شعفاط.
هذه المخططات الصهيونية الرامية الى تغيير المشهد بشكل كلي في مدينة القدس من عربي- إسلامي الى يهودي بالسيطرة على فوق الأرض بالإستيطان في قلب الأحياء العربية والإستيلاء على الأراضي والممتلكات الفلسطينية،وتحتها عبر سلسلة واسعة وكبيرة من الأنفاق التي تبني مدينة كاملة تحت القدس والأقصى،والسيطرة على فضاء المدينة من خلال "التلفريك" القطار الطائر،وهذا يعني أن شعبنا في المدينة امام مخاطر جدية وحقيقية على وجوده،ولكي يبقى شعبنا في المدينة صامد في أرضه وقدسه،فلا مناص من تعزيز وجوده،بشكل جدي وحقيقي،وهذا يتطلب دعم اقامة مشاريع اسكانية بسعر التكلفة في المدينة،ومساعدة المقدسيين في الحصول على رخص بناء بدفع جزء كبير من تكاليفها،وكذلك تبني اقامة اسكانات للأزواج الشابة،يتم تأجيرها لهم بإيجارات معقولة ومقبولة،ناهيك عن التوجه للمؤسسات الدولية ولكل أصدقاء شعبنا من دول ومؤسسات،لكي تفضح دولة الإحتلال وسياستها العنصرية والتي تصل حد التطهير العرقي بحق شعبنا في المدينة،سواء من خلال مخططات الطرد الناعم،او الطرد والتهجير بهدم المنازل بشكل جماعي كما حصل في واد الحمص،او الإستيلاء على احياء مقدسية كاملة تحت حجج وذرائع ملكية أرضها لليهود،كما هو الحال في حي بطن الهوى في سلوان وكرم الجاعوني وكبانية أم هارون في الشيخ جراح وغيرها.
نعم هم ينظرون لشعبنا الفلسطيني سواء في القدس أو الداخل الفلسطيني- 48 -،بمثابة الغدد السرطانية التي يجب إجتثاثها سواء بالطرق " المشرعنة" و" المدسترة" و"المقوننة" أو الطرق غير المشروعة، ما دامت توصل للهدف المنشود،ولذلك كان قانون ما يسمى أساس الصهيونية،والذي هو بمثابة وصفة جاهزة لطرد وتهجير شعبنا الفلسطيني في الداخل- 48 – او في القدس.
هم يرسمون ويضعون الخطط الإستراتيجية،التي تحذر من الخطر الديمغرافي لشعبنا الفلسطيني على دولتهم من بعد عشرين عاماً،ويعملون على تنفيذ تلك الخطط وفق آليات عملية مدروسة،تقضم الأرض تدريجياً وتبتلعها،وتخرج السكان خارج حدود المدينة،ونحن لا خطط ولا برامج لدينا ولا استرتيجيات،لكيفية تعزيز وجود شعبنا في المدينة وزيادة اعداده وسبل دعمه وإسناده وإمداده بكل عناصر الصمود.
هم يتمسكون بأفكارهم التلمودية والتوراتية وروايتهم التاريخية المزورة،ويحاولوا تسويق تلك الرواية،ليس على العالم الغربي،بل وعلى امتنا العربية،وللأسف هناك من عرباننا من يتفهم ويدافع عن وجهة نظرهم وروايتهم ورؤيتهم،بأن لهم حقوق في المدينة،تلك المدينة المعترف بها وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية،بأنها مدينة محتلة،وباطلة كل الإجراءات والممارسات التي يقوم بها الاحتلال فيها بالقوة.
دعوات ميكي ليفي وغيره من القادة الصهاينة لإخراج العديد من القرى المقدسية مثل العيسوية والمكبر وصورباهر والثوري وغيرها من يسمى بحدود بلدية القدس،وسحب إقامات المقدسيين في 27 بلدة وقرية حول القدس ،فهذا يعني بان هناك مخططات جدية تجري للتخلص من سكان المدينة العرب،وما يجري ويتخذ من عقوبات جماعية بحق سكان العيسوية والهجمة المستمرة والمتواصلة عليها،والتي تشترك فيها كل أجهزة الاحتلال امنية من شرطة وحرس حدود ومخابرات ومدنية من بلدية وداخلية،تؤشر الى دقة ما يقوله قائد لواء شرطة الاحتلال السابق ميكي ليفي،بأن هذا مخطط مدروس وممنهج هدفه خلق رأي عام إسرائيلي،لإخراج قرية العيسوية من حدود بلدية القدس،كتمهيد و"بروفا" تطبق بحق بقية القرى والبلدات المقدسية داخل جدار الفصل العنصري،وبما يستثني ما يسمى بالحوض المقدس منها.
ما كشفه ميكي ليفي قائد شرطة الاحتلال السابق للقدس،ونحن نعرفه وندركه جيداً ،يجب أن يكون ناقوس خطر لجميع صناع القرار الفلسطيني ولأمتنا العربية والإسلامية،بوضع الخطط والبرامج العملية التي تعزز من صمود اهل القدس ووجودهم فوق أرضهم وفي قدسهم.