أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة عن اتفاق تجاري جزئي "مهم جدًا" مع الصين، فيما يُعتبر نجاحًا نادر جدًا كان الرئيس بحاجة ماسة إليه وسط قضايا وانتقادات تحاصره.
وقال ترامب في البيت الأبيض بعد لقاء مع كبير المفاوضين الصينيين ليو هي حضره وزير الخزانة ستيفن منوتشين وممثل التجارة الأمريكي روبرت لايتهايز "توصلنا إلى اتفاق مرحلة أولى مهم".
وأضاف "كان هناك خلافات كثيرة بين الصين والولايات المتحدة، والآن إنه مهرجان من الحب"، مشيدا بتأثير هذا التفاهم الجديد بين أكبر قوتين اقتصاديتين على "السلام في العالم".
وفي وسط حملة انتخابية يخوضها للفوز بولاية رئاسية ثانية، علق ترامب مطولا على المواد الزراعية التي وافقت بكين على شرائها بكميات كبيرة من الولايات المتحدة والتي سيستفيد منها قسم من ناخبيه.
في المقابل، وافق ترامب على التخلي عن زيادة في الرسوم الجمركية من 25 إلى 30% كان يعتزم فرضها اعتبارا من الثلاثاء على 250 مليار دولار من الواردات الصينية من الولايات المتحدة.
غير أنه ما زال يتعين صياغة بنود الاتفاق خطيا، وهي عملية قد تستغرق بحسب ترامب اربعة إلى خمسة أسابيع.
ولم يستبعد ترامب أن يوقع "أو لا" يوقع وثيقة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ في تشيلي على هامش قمة رابطة الدول المطلة على المحيط الهادئ في تشرين الثاني/نوفمبر.
وقد تلي ذلك مرحلتان لاحقتان لا تزال معالمهما غامضة جدًا، استكمالًا لاتفاق المرحلة الأولى.
من جهته، لزم منونشين الحذر في تصريحاته خلال المؤتمر، وقال "لدينا تفاهم أساسي على النقاط الرئيسية، أحرزنا تقدما كبيرا، لكن ما زال أمامنا الكثير من العمل الواجب إنجازه" مضيفا "لن نوقع اتفاقا طالما أنه لا يمكننا أن نقول للرئيس أن كل شيء وضع خطيا".
وشدد على أن نائب رئيس الوزراء الصيني "سيعود إلى العمل مع فريقه"، موحيا بأنه يتحتم عليه الحصول على موافقة القيادة الصينية.
"اشتروا جرارات"
بموجب اتفاق المرحلة الأولى، تشتري الصين بحسب ترامب منتجات زراعية أميركية بقيمة 40 إلى 50 مليار دولار في السنة، وهي كمية تزيد بمرتين ونصف عن الحد الأعلى للمشتريات الصينية السنوية الذي سجل عام 2017 حين استوردت بكين ما يساوي 19,5 مليار دولار من هذه المنتجات، قبل أن يتراجع هذا الحجم إلى ما يزيد عن تسعة مليار دولار عام 2018 تحت تأثير الحرب التجارية.
وأعلن ترامب ممازحا "أقترح على المزارعين أن يذهبوا فورا ويشتروا المزيد من الأراضي وجرارات أكبر" لتلبية الزيادة في الطلب.
وانعكس رد الصين على التدابير التجارية الأميركية ضدها بصورة خاصة على المزارعين الأميركيين واضطرت إدارة ترامب إلى تخصيص مساعدات فدرالية بقيمة 28 مليار دولار للتخفيف من خسائرهم.
وعلى الصعيد السياسي، يواجه ترامب ضغوطا أكثر من أي وقت منذ وصوله إلى البيت الأبيض، مع مباشرة الديموقراطيين تحقيقا بهدف عزله، يحظى بدعم غالبية من الناخبين على ما عكست عدة استطلاعات للرأي. كما أنه يتعرض لانتقادات بالغة الشدة بما في ذلك من كبار الداعمين له، بسبب سياسته في سوريا.
كذلك ينص التفاهم مع الصين على حماية الملكية الفكرية وسط اتهامات للصين بارتكاب الكثير من الانتهاكات بهذا الصدد، وعلى فتح السوق الصينية أكثر أمام الشركات الأميركية المتخصصة في الخدمات المالية.
كما أفاد منوتشين عن إجراء "محادثات جيدة مع حاكم البنك المركزي الصيني"، مشيرا إلى اتفاق يضمن الشفافية حول أسعار الصرف.
من جهته، أفاد المفاوض الصيني عن "تقدم جوهري في العديد من المجالات" وأضاف "إننا مسرورون" ملمحا إلى أن المفاوضات ستتواصل.
في المقابل، لم يتم اتخاذ أي قرار حول الرسوم الجمركية بنسبة 15 بالمئة التي ستدخل حيز التنفيذ في كانون الأول/ديسمبر حول سلع شائعة الاستهلاك.
تأثير على النمو العالمي
اقفلت مؤشرات وول ستريت الرئيسية على ارتفاع كبير بالرغم من تراجعها الطفيف عند تسرب أولى التفاصيل.
وقال كريستوفر لو من شركة "إف تي إن فايننشال" للاستثمارات "انتظرنا طوال النهار للحصول على تفاصيل عن هذا الاتفاق والقليل الذي تسرب يبدو محدودا أكثر مما كنا نأمل".
وتابع "يبقى أن هذا خبر سار جدا وأن مكاسب النهار تضاف إلى تلك التي تحققت في اليوم السابق ترقبا لهذا الإعلان".
ولا يعالج الاتفاق مصير مجموعة هواوي الصينية العملاقة للاتصالات التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات صارمة للغاية لاتهامها بالتعامل مع أجهزة الاستخبارات الصينية.
وتنعكس تبعات الحرب التجارية بين واشنطن وبكين على الاقتصاد العالمي بمجمله.
وحذر صندوق النقد الدولي مؤخرا من أن التوتر التجاري ومفاعيله الجانبية مثل تجميد الاستثمارات والبلبلة في سلاسل التموين الدولية، ستقتطع 700 مليار دولار من إجمالي الناتج الداخلي العالمي بحلول 2020، ما يزاوي حجم الاقتصاد السويسري.