Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

عودة نتنياهو واستمرار سياسات اليمين

وكالات

دعا الرئيس الإسرائيلي «رؤوفين ريفيلين» رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاتخاذ الخطوة الأولى لتشكيل حكومة جديدة، ما أثار ذعر الليبراليين الغربيين، بيد أن قلقهم خطأ وفي غير محله، فليس هناك احتمالات كبيرة في أن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة. وهو أيضا خطأ، لأن أملهم في أن فوز «بيني جانتس» سيساعد في إزالة الضرر الذي لحق بصورة إسرائيل بين «الديمقراطيين» هو مجرد تمنٍ.

وبينما تفوق حزب «أزرق أبيض» بزعامة «جانتس» على حزب «ليكود» بزعامة نتنياهو، حيث حصل على 33 مقعدا في البرلمان (الكنيست) القادم، مقارنة بـ 32 مقعدا حصل عليها الليكود، لكن لأن محاولة نتنياهو تشكيل حكومة حظيت بدعم عدد أكبر من أعضاء الكنيست (55 مقابل 54 لجانتس)، كان هو الشخص الذي تم استغلاله لتشكيل ائتلاف حاكم مكون من 61 عضوا.

هذه الدراما المختلة التي تحدد السياسة الإسرائيلية ستظهر الآن بشكل واضح. وكما أشرت الأسبوع الماضي، فإن الطريقة الوحيدة لتشكيل حكومة مكونة من 61 عضوا بالكنيست ستتطلب إما أن يحنث قادة الحزب بوعودهم الانتخابية التي قطعوها لناخبيهم، أو أن يخون الأعضاء الأفراد المنتخبون حديثا تعهداتهم لزعمائهم. ومن الأمور التي قد تغير أيضا حسابات تشكيل الحكومة هو اتهام نتنياهو بالفساد وأن تتفكك صفوف «المخلصين» له، وإما الانضمام للمعارضة أو انتخاب زعيم جديد ليحل محل نتنياهو. وحتى مع ذلك، سيواجهون غضب بعض الناخبين إذا أخلفوا وعدهم، في هذه العملية، بالبقاء متحدين مع شركاء ائتلاف الحزب الديني.

إذا لم تحدث أي من هذه الخيانات في غضون أشهر قليلة، ستتجه إسرائيل إلى إجراء انتخابات أخرى –الثالثة في عام!

ومع ذلك، بغض النظر عن النتيجة، سواء كانت حكومة جديدة أو حكومة ناجمة عن الخيانة، ما هو واضح من هذه الانتخابات هو أن إسرائيل قد تحركت حتى الآن تجاه «اليمين»، ولا يجب أن يتوقع أحد حدوث تغيير كبير في السياسة الإسرائيلية تجاه الاحتلال أو حقوق الإنسان الفلسطينية. ولأن السياسة الإسرائيلية هي تحديدا العامل الحاسم وراء الانقسام الحزبي الأميركي العميق تجاه إسرائيل، فإن هذا لن يتغير كذلك.

هذا هو الحال، كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها، أن هذا مجرد تمنٍ ليبرالي أكثر منه تحليلا قائما على الحقائق: في الوقت نفسه، أصبحت عناصر الحزب «الديمقراطي» تتشكك بشكل متزايد في إسرائيل، إن لم تكن معادية لها. وخروج نتنياهو، إذا تحقق، قد يوقف هذا التحول الخطير ويقدم لحكومة إسرائيلية جديدة الفرصة لاستعادة الدعم واسع النطاق من الحزبين في الولايات المتحدة. وقد اتضح نفس الشيء من منظم استطلاع رأي «ديمقراطي» في الولايات المتحدة، والذي عمل لصالح حزب «أزرق أبيض»، عندما أعلن بسرعة فائقة أن فترة ما بعد نتنياهو ستكون فرصة هائلة لإسرائيل لإعادة ضبط علاقتها مع «الديمقراطيين».

وقبل أن أسمح لأصدقائي الليبراليين بالانغماس في مزيد من الخيال، من المهم بالنسبة لهم التفكير في حقيقتين مهمتين: الأولى، كل المتنافسين المحتملين لمنصب رئيس الوزراء يتقاسمون نُهُجا متشابهة بالنسبة للأراضي المحتلة. فجميعهم: سيواصلون التوسع الاستيطاني، ويصرون على الحفاظ على السيطرة على غور الأردن وتمديد السيادة الإسرائيلية إلى هذه المنطقة والعديد من «الكتل الاستيطانية»، والحفاظ على ضم ما يشير إليه الإسرائيليون باسم «القدس الشرقية»، والاستمرار في تضييق الخناق على غزة. وفي الحقيقة، فإن بعض مواقف بيني جانتس، «الذي يُعد أمل الليبراليين»، هي أكثر قسوة من مواقف نتنياهو.

ثانيا، بينما ستميل مؤسسة الحزب «الديمقراطي»، بما في ذلك غالبية أعضائها في الكونجرس، إلى الترحيب بسقوط نتنياهو لأسباب عديدة، فإن آراء قاعدة الناخبين «الديمقراطيين» ليست مزعزعة مثل آراء زعمائهم. ولا يزال الأعضاء «الليبراليون» غاضبين من معارضة نتنياهو لاتفاق أوباما النووي مع إيران، وتحالفه غير الليبرالي مع الأحزاب الإسرائيلية الدينية المتطرفة التي تتعارض سياساتها مع الآراء العلمانية للإصلاح واليهود الأميركيين غير المتدينين، و«اتحاده» الفعلي مع دونالد ترامب.

في حين أن هذه الأمور ساهمت في الانقسام الحزبي الأميركي، فإن العوامل الرئيسية التي تحرك مواقف الناخبين «الديمقراطيين» تجاه إسرائيل لها علاقة أكبر بنفس السياسات التي ستواصل جميع الأحزاب الرئيسية في إسرائيل اتباعها – نفس السياسات التي يبدو أن المؤسسة «الديمقراطية» تكره إدانتها. (تذكروا أنه في عام 2016، لم تكن مؤسسة الحزب لتسمح بذكر «الاحتلال» أو «المستوطنات» في برنامج الحزب).

في استطلاع أجريناه قبل انتخاب ترامب، وجدنا اتجاها هبوطيا ملحوظا بين الناخبين فيما كنا نقيس الدعم لإسرائيل (61%)، ولنتنياهو (38%)، وللمستوطنات الإسرائيلية (25%). وفي كل حالة كان هناك انقسام حزبي، حيث كان «الديمقراطيون» أقل تأييدا لإسرائيل ونتنياهو والسياسات الإسرائيلية مقارنة بـ«الجمهوريين».

وبينما تتشكل اتجاهات وسائل الإعلام الليبرالية والمؤسسات السياسية تجاه إسرائيل من خلال عدائها تجاه شخص بنيامين نتنياهو، فإن السياسات التي تسلكها الحكومة الإسرائيلية، هي التي تقود اتجاهات الناخبين. لذلك، ما لم تنهِ أي حكومة إسرائيلية جديدة سلوكها المسيء تجاه الفلسطينيين وحقوقهم، سيستمر الانقسام الحزبي. وربما تكون النتيجة انقساما متزايدا ليس فقط بين شرائح كبيرة من المجتمع الأميركي وإسرائيل، بل أيضا بين قاعدة ناخبي الحزب «الديمقراطي» وقادتهم. ولهذا السبب بدأ عدد من المتنافسين الرئيسيين للحصول على ترشيح الحزب «الديمقراطي» للرئاسة –بيرني ساندرز وإليزابيث وارين وبيت بوتيجيج – في التحدث، وإن كان بشكل متردد، عن ربط المساعدات المقدمة لإسرائيل بسلوكها في الأراضي المحتلة.

وكما حملت الحملة الرئاسية للمرشح بيل كلينتون عام 1992 شعار «إنه الاقتصاد يا غبي» للتذكير دائما بأهمية القضية، فإنني أقدم هذا الشعار لأصدقائي الليبراليين: «إنها السياسة الإسرائيلية (وليست الشخصيات)، أيها الحمقى».

عن صحيفة الاتحاد الإماراتية