قال ضابط "إسرائيلي" إن الأحداث الأمنية الأخيرة بالمنطقة "أخرجت إلى النور قضايا كان يمكن لها أن تبقى طي الكتمان، لكن العام الأخير شهد سلسلة تطورات أمنية وعسكرية ظهر فيها أن قيادة الجيش تتلقى قرارات من المستوى السياسي تم اتخاذها دون الرجوع إليها، وهو ما لم يرد أن يراه قائد الجيش الجنرال أفيف كوخافي في مقر قيادة هيئة الأركان".
وأوضح "تال ليف-رام"، في مقال له، نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، ترجمته "عربي21" أن "الأزمة السياسية العاصفة قبيل وبعيد الانتخابات، لا تحمل بشريات سارة للجيش والمستوى العسكري، على اعتبار أن إسرائيل تعيش مرحلة من التوترات الأمنية غير المسبوقة خلال الآونة الأخيرة، سواء في جبهة غزة أو الشمال، وبات واضحا أن المؤسسة الأمنية والعسكرية بحاجة لوزير حرب متفرغ كليا لهذه المهام الصعبة".
وأوضح "ليف-رام" الخبير العسكري المخضرم، أن "كوخافي تأمل أن يبدأ عامه الأول في قيادة الجيش بتنفيذ سلسلة مهام عسكرية وأمنية مكثفة من خلال إحداث تغييرات جوهرية في الجيش، من بينها: إجراء تغيير أساسي في طبيعة المهام العملياتية، وتنفيذ إصلاحات بعيدة المدى على بنية الجيش وقواه الهيكلية، حيث يعمل اليوم عشرون طاقما لإعداد الخطة السنوية القادمة".
وأشار إلى أن "هذه الخطة من شأنها أن تظهر طبيعة الإدارة العسكرية في السنوات الخمس القادمة، وتحدد المعالم الأساسية لكيفية عمل قيادة الأركان مستقبلا، وكيف سيظهر الجيش على المدى البعيد، لكن التوترات السياسية والحزبية المتصاعدة في إسرائيل ألقت بتأثيراتها السلبية على خطة الجيش المسماة "تنوفا".
وأوضح أن "عدم مصادقة الجيش على موازنته السنوية سيؤثر على أدائه للمهام الداخلية، وإقرار خطط عملياتية بعيدة المدى، وهو ما يتكرر في جميع الوزارات الحكومية، حيث تركت الأزمة الحزبية بظلالها على بنية وزارة الحرب، لأن المشكلة التي تعانيها لا تقتصر فقط على إقرار الميزانية على أهميتها، وإنما وزارة الحرب كما الجيش بحاجة لوزير حرب متفرغ، بصلاحيات كاملة، وهو ما لا يتوفر في بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة".
وأكد أن "وزير الحرب الإسرائيلي المفقود مهمته أن يعمل على المواءمة بين المستويين السياسي والعسكري، بين الحكومة والمنظومة الحزبية في إسرائيل، صحيح أن إسرائيل شهدت في سنوات وعقود سابقة إشغال رؤساء الحكومات لمنصب وزير الحرب، لكنهم لم يشهدوا إبان ذلك أزمات سياسية عاصفة كالتي تشهدها إسرائيل اليوم، ولم تكن في حينه أوضاع أمنية معقدة، ومعركة قضائية تنتظر رئيس الحكومة".
وأوضح أن "كل ذلك ترك الجيش بدون قائد مباشر، باستثناء رئيس هيئة الأركان، لأنه ليس معقولا أن يعلن رئيس الحكومة نتنياهو الذي يشعل منصب وزير الحرب عشية الانتخابات عن ضم غور الأردن، دون أن يشعر مسبقا رؤساء الأجهزة الأمنية وقادة الجيش بهذا التوجه، وعدم معرفته المسبقة بأن قرارا كهذا قد يشعل الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية".
وختم بالقول إنه "لم يكن ليحصل هذا لو كان في إسرائيل وزير دفاع متفرغ، ينقل التهديدات الأمنية من المستوى العسكري إلى نظيره السياسي، ويبحث الفرص والمخاطر في أي قرار سياسي، حتى جاءت التسريبات عن نية نتنياهو شن حرب على غزة قبل أيام قليلة من التوجه لصناديق الاقتراع، وكل هذا يعطي إشارات غير مريحة من داخل الجيش الإسرائيلي".