Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

استشراف الشقاقي لمستقبل أوسلو..!

فضائية فلسطين اليوم

بقلم د. وليد القططي

الاستشراف هو التنبؤ بالمستقبل والحدس به، ويدخل في إطار التوقع والتصور والتحري بما سيقع في المستقبل من أحداث، والرؤية الاستشرافية للمستقبل تعني وضع احتمالات مُمكنة الحدوث، أو رسم صور تقريبية محتملة للمستقبل، أو رسم مجموعة من السيناريوهات المتوقعة لمسار حدث ما في المستقبل، ويُشير مفهوم الاستشراف إلى منهجية علمية تحاول التنبؤ بالتطورات التي ستحدث في المستقبل في ضوء جملة من المعطيات في الوقت الحاضر.

ولاستشراف صحيح للمستقبل يجب أن يكون مبني على قراءة منهجية وصحيحة لسنن التاريخ، وعلى تشخيص واستقراء موضوعي ودقيق لمعطيات الواقع الحاضر، وعلى حدس سليم بمالآت الماضي والحاضر في المستقبل. وهذا النوع من الاستشراف أبدع فيه الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وأمينها العام الأول في رؤيته للكثير من مآلات الأحداث ولا سيما اتفاقية أوسلو التي وقعت عام 1993 والسلطة الفلسطينية التي أُقيمت عام 1994، وقد استشرف مستقبلها قبل توقيعها وبعد توقيعها منذ عام 1991 وحتى استشهاده عام 1995، وذلك قبل أن تتضح الحقائق التي كانت مجرد توقعات في الماضي قبل حوالي ربع قرن من اتضاحها للجميع، فالمستقبل الغامض آنذاك هو الحاضر الواضح اليوم.

توقع الشهيد الشقاقي فشل اتفاقية أوسلو في مقابلة صحفية مع مجلة العالم عام 1993 فور توقيعها وكان مما قاله: " من المؤكد أن هذا الاتفاق في النهاية يحمل بذور فشله في داخله، ولن يستمر بفعل هذا التناقض  الداخلي فيه وبفعل رفض ومقاومة شعبنا". ليؤكد على هذه الحقيقة مرة أخرى في نفس السنة وقال: " الاتفاقية في حد ذاتها ضعيفة هشة ولا يمكنها الصمود أمام تعقيدات عديدة مثل غياب الأمن وفشل التنمية وعدم تحسن الوضع الاقتصادي، فالاتفاقية تملك عوامل موتها في داخلها". واليوم بعد أكثر من ربع قرن لم يعُد أحد يُجادل عن فشل اتفاقية أوسلو في تحقيق أهدافها - التي كان الطرف الفلسطيني الذي وقعها قد روّج لها- وأهمها الانتقال إلى الدولة الوطنية المستقلة في الضفة والقطاع، واذكر هنا ما قاله نبيل شعث عشية التوقيع على اتفاقية أوسلو وقوله "تأكدت اليوم أن ثمانين بالمائة من فلسطين قد ضاعت ، وأنني لا أستطيع أن أعد أولادي بأن تكون لهم دولة على الجزء المتبقي منها".