تصادف اليوم ذكرى التوقيع على اتفاقيّة "أوسلو"، بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، والتي وُقعت في واشنطن بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول 1993، وهي أول اتفاقية رسمية أنهت النزاع المسلح ومهدت لقيام السلطة الوطنية الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة منتصف عام 1994.
تُوج هذا المسار التفاوضي بين الطرفين باتفاقيات (غزة/أريحا أولا) بعد أن أقام الاحتلال الإسرائيلي اتصالات سرية بالزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وبدأ مسار سري أفضى إلى توقيع اتفاق أوسلو (نسبة إلى العاصمة النرويجية أوسلو التي رعت المحادثات السرية).
وعرفت الاتفاقية رسميًا باسم "إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي"، حيث شكّلت نقطة فارقة في العلاقة بين المنظمة والكيان.
ويعتبر اتفاق "أوسلو"، استمرارًا لمؤتمر مدريد 1991، والذي ورعته الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق سعيا لإقامة سلام دائم بين الدول العربية و"إسرائيل".
الإتفاق اتاح للكثير من القيادات والكوادر الفلسطينية في الخارج ، وخصوصاً قيادات حركة "فتح"، وعدد من قيادات الفصائل الاخرى المنضوية تحت لواء منظمة التحرير، العودة الى ارض الوطن في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967.
ومنذ توقيع الاتفاق ظل حتى يومنا هذا، موضع خلاف في الشارع السياسي الفلسطيني، وبين عدد من القوى الفصائلية الفلسطينية ، التي عارضته جملة وتفصيلاً، واعتبرته تفريطاً وتنازلاً عن الثوابت الفلسطينية، وربطت فيما بعد باتفاقية أخرى (اتفاقية باريس الاقتصادية).
وفق اتفاق أوسلو السوداوية ، منظمة التحرير اعترفت للكيان الإسرائيلي بأن 78% من فلسطين لهم؛ وقبلت 22 بالمئة فقط.
26 عامًا على اتفاق أوسلو المشؤوم .. جزّأ هذا الاتفاق القضية الفلسطينية إلى ملفّات أو قضايا، تحت مسمّى قضايا الحلّ النهائي، ومنها القدس واللاجئون والمستوطنات وتراجع المشروع الوطني الفلسطيني عقوداً الى الوراء وتكرس الإنقسام الفلسطيني الداخلي والذي افرزته واحدثته اتفاقات اوسلو، فيما المناطق الفلسطينية مقطعة الأوصال بالحواجز العسكرية ومحاطة بجدار الفصل العنصري ، والاستيطان إبتلع المزيد من الاراضي الفلسطينية.، فضلاً على ان السلطة الفلسطينية أصبحت حارس لامن الاحتلال الاسرائيلي، وبات التنسيق الأمني يطوق ويلاحق كل نشطاء العمل الوطني المقاوم.
بعد مرور كل هذا الوقت على الإتفاقية التي قاتلت من اجلها السلطة الفلسطينية على مدار 26 عامًا دون نتيجة ففي 30 سبتمبر 2015، أعلن الرئيس محمود عباس، والذي يوصف بأنه "مهندس اتفاق أوسلو"، في خطابه أمام الدورة الـ70 للأمم المتحدة في نيويورك، انسحاب السلطة الفلسطينية من اتفاق أوسلو ردًا على تقاعس "إسرائيل" عن الوفاء بتعهداتها إزاء الخطة الانتقالية الرامية إلى إنهاء الاحتلال الاسرائيلي، مؤكدًا أن بلاده لا يمكنها الاستمرار بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، ما دامت مصرة على عدم الالتزام بها، وترفض وقف الاستيطان، والإفراج عن الأسرى، وعلى إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال، لأن الوضع القائم لايمكن استمراره،
كما أعلن محمود عباس في 14 كانون الثاني/يناير 2018 ، أن إسرائيل "أنهت" اتفاقيات أوسلو للسلام مع الفلسطينيين التي تم توقيعها في 1993 والتي تمخض عنها قيام السلطة الفلسطينية.
وقال عباس في كلمة ألقاها في افتتاح جلسة للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية "لم يبق أوسلو.إسرائيل أنهت أوسلو".
وتنص اتفاقية إعلان المبادئ على إجراء مفاوضات للانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية وغزة على مرحلتين:
المرحلة الأولى/ الإعدادية
تبدأ في 13/10/1993 وتنتهي بعد ستة أشهر، وفيها تجرى مفاوضات تفصيلية على محورين:
المحور الأول:
- الانسحاب الإسرائيلي من غزة وأريحا، وينتهي هذا الانسحاب في غضون شهرين، ويجري انتقال سلمي للسلطة من الحكم العسكري والإدارة المدنية الإسرائيلية إلى ممثلين فلسطينيين تتم تسميتهم لحين إجراء انتخابات المجلس الفلسطيني.
- لن يكون الأمن الخارجي والعلاقات الخارجية والمستوطنات من مهام السلطة الفلسطينية في المناطق التي سينسحب الجيش الإسرائيلي منها.
- أما بالنسبة للأمن الداخلي فسيكون من مهام قوة شرطة فلسطينية يتم تشكيلها من فلسطينيي الداخل والخارج مع وجود لجنة للتعاون الأمني المشترك.
- كذلك يشكل صندوق طوارئ مهمته تلقي الدعم الاقتصادي الخارجي بطريقة مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ويحق للطرف الفلسطيني أن يسعى للحصول على هذا الدعم بطريقة منفصلة كذلك. ولا يمانع الاتفاق في وجود دولي مؤقت للإشراف على المناطق التي سيتم الانسحاب منها.
- بعد التوقيع على هذه الاتفاقية تنسحب إسرائيل تدريجياً وينتهي في غضون أربعة أشهر (13/4/1994).
المحور الثاني:
- تنص الوثيقة فيه على تشكيل سلطة حكم فلسطيني انتقالي تتمثل في مجلس فلسطيني منتخب يمارس سلطات وصلاحيات في مجالات محددة ومتفق عليها لمدة خمس سنوات انتقالية.
- تنص الوثيقة كذلك على أن لهذا المجلس حق الولاية على كل الضفة وغزة في مجالات الصحة والتربية والثقافة والشؤون الاجتماعية والضرائب المباشرة والسياحة إضافة إلى الإشراف على القوة الفلسطينية الجديدة، ما عدا القضايا المتروكة لمفاوضات الحل النهائي مثل: القدس، والمستوطنات، والمواقع العسكرية، والإسرائيليين المتواجدين في الأرض المحتلة.
- بالنسبة لانتخابات المجلس التشريعي فتدعو وثيقة إعلان المبادئ إلى أن تتم تلك الانتخابات تحت إشراف دولي يتفق الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي عليه، وتتم هذه العملية في موعد أقصاه تسعة أشهر من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ الفعلي أي في 13/7/1994، وتفصل الاتفاقية فيمن يحق لهم المشاركة في تلك الانتخابات خاصة من القدس. أما نظام الانتخاب وقواعد الحملة الانتخابية وتنظيمها إعلامياً وتركيبة المجلس وعدد أعضائه وحدود سلطاته التنفيذية والتشريعية فكلها أمور متروكة للمفاوضات الجانبية بين الطرفين.
- تنص الوثيقة أن المجلس الفلسطيني بعد تسلمه صلاحياته يشكل بعض المؤسسات التي تخدم التنمية مثل سلطة كهرباء فلسطينية، وسلطة ميناء غزة، وبنك تنمية فلسطيني، ومجلس تصدير، وسلطة بيئة فلسطينية، وسلطة أراض فلسطينية، وسلطة إدارة المياه الفلسطينية.
المرحلة الثانية/ الانتقالية
وتبدأ بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة وأريحا، وتستمر لمدة خمس سنوات تجرى خلالها انتخابات عامة حرة مباشرة لاختيار أعضاء المجلس الفلسطيني الذي سيشرف على السلطة الفلسطينية الانتقالية، وعندما يتم ذلك تكون الشرطة الفلسطينية قد استلمت مسؤولياتها في المناطق التي تخرج منها القوات الإسرائيلية خاصة تلك المأهولة بالسكان.
كما تنص الوثيقة على تكوين لجنة فلسطينية إسرائيلية مشتركة للتنسيق وفض الخلافات، وأخرى للتحكيم في حال عجز اللجنة الأولى عن التوصل إلى حل الخلافات.
وتحث الوثيقة على ضرورة التعاون الإقليمي في المجال الاقتصادي من خلال مجموعات العمل في المفاوضات متعددة الأطراف.
وبالنسبة لمفاوضات الوضع النهائي فقد نصت الوثيقة على البدء في تلك المرحلة بعد انقضاء ما لا يزيد عن ثلاث سنوات والتي تهدف بحث القضايا العالقة مثل: القدس، والمستوطنات، واللاجئين، والترتيبات الأمنية، والحدود، إضافة إلى التعاون مع الجيران وما يجده الطرفان من قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك، كل ذلك سيتم بحثه استناداً إلى قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338.