قررت المحكمة العليا الإسرائيلية بصفتها الاستئنافية في القدس المحتلة رفض طلب الاستئناف المقدم من قبل مركز الميزان لحقوق الإنسان على القرار الصادر عن المحكمة المركزية في بئر السبع بتاريخ 20/11/2017، والقاضي برد الدعوى التي رفعها المركز ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي بشأن استهدافها منزل المواطن ناصر أبو سعيد بتاريخ 13 يوليو 2010.
وكان القصف بقذائف مدفعية تسبب في استشهاد زوجته واصابة ابنه وشقيقته وزوجة أخيه ووالده، وتدمير منزله بشكل كلي، وذلك بداعي أن الحادث كان في إطار عملية حربية.
وجاء في حيثيات حكم المحكمة العليا نصاً أن "المحكمة تفحصت الأمر بحذر شديد وأوردت بأنه ربما كان إطلاق النار الثاني – محل الدعوى – جاء في إطار الإهمال، فإننا لا نتعامل مع مسألة الإهمال والتي تتمحور حول تصرفات الجنود وإنما بطابع الحادث".
كما جاء "وفي النهاية الحادث بكل ظروفه يستجيب لكل معايير الدفاع عن الدولة حسب تفسير القانون، ونحن نأسف على النتائج التي أدى إليها إطلاق النار، ولكن على المستوى القضائي، فإن مصير الدعوى الرفض".
يشار إلى أن منزل ناصر أبو سعيد يقع في شرق قرية جحر الديك في المنطقة الوسطى من قطاع غزة، ويبعد حوالي 300م عن السياج الشرقي الفاصل، وكان قد تعرض للقصف بتاريخ 13/7/2010، بقذائف مدفعية إسرائيلية، ما أسفر عن استشهاد زوجته (نعمه) على الفور وإصابة ابنه وشقيقته وزوجة شقيقه ووالده. كما تعرض المنزل لهجوم ثانِ بتاريخ 28/4/2011، تسبب في إصابة ثلاثة من أطفاله بجروح، وتدمير منزله بالكامل.
وقال مركز الميزان في بيان صحفي السبت "إنه وفي معرض محاولته مساعدة الضحايا للوصول إلى العدالة، فقد تقدم بدعوى أمام المحكمة المركزية في بئر السبع بتاريخ 11 يونيو 2012، وبعد خمس سنوات من تداول القضية في أروقه المحكمة، جاء القرار يوم الأربعاء الماضي القاضي بأن استشهاد زوجة ناصر أبو سعيد والإصابات والأضرار والخسائر التي تعرضت لها العائلة جاءت في إطار عملية حربية ولا تتحمل الدولة أي مسئولية عن هذه الأضرار".
وورد في القرار أنه جاء إعمالاً للتعديل القانوني رقم (8) الخاص بقانون الأضرار المدنية (مسئولية الدولة)، وعليه تم تقديم الاستئناف لهذا القرار للمحكمة العليا بتاريخ 4/7/2018، والذي جاء قرارها مؤيد لقرار المحكمة المركزية، وتم رفض الالتماس، وعدم تحميل الدولة أي مسئولية عن الأضرار التي لحقت بعائلة أبو سعيد .
وأكد المركز أن سلطات الاحتلال تضع عراقيل تحول دون وصول الضحايا من الفلسطينيين إلى العدالة بموجب القانون الإسرائيلي وتسعى جاهدة لإجراء تعديلات إجرائية قضائية ومالية، وتواصل تعديل القوانين بطريقة تخالف أبسط قواعد العدالة، لتحقق أهدافها في تحصين مرتكبي انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، وتجنيب "إسرائيل" المسئولية المدنية، وحرمان الضحايا من الوصول إلى العدالة.
وأعاد التذكير بالتعديل الذي أجراه المشرَّع الإسرائيلي على قانون الأضرار (مسئولية الدولة) بتاريخ 23/07/2012، ما يعرف بالتعديل الثامن، ويشمل التعديل تعريف العملية الحربية، بحيث تم إلغاء الفقرة التي توجب وجود خطر داهم أثناء العملية على حياة الجنود، وتم استبدال ذلك بفقرة تعرف العملية الحربية إضافة للتعريف السابق 'كون العملية ذات طابع حربي بناء على كل المعطيات بما في ذلك هدف العملية، مكانها الجغرافي'.
كما تم تعديل الفقرة 5 (ب) بحيث تخول المحكمة النظر في ادعاء الدولة لسريان إعفاء العملية الحربية على الدعوى المقدمة كادعاء، أولي وأعطت المحكمة صلاحية رد الدعوى بناءً على هذا الادعاء.
واعتبر المركز أن هذا يعني أن المحكمة تستطيع رد الدعوى بناءً على ادعاءات أولية ودون سماع شهود.
وأكد أن المشرع قام بتشريع انطباق التعديل بأثر رجعي ابتداءً من 12/09/2005، مما يعني أنه يسري على انتهاكات وقعت منذ ذلك التاريخ أي قبل إقرار هذه التعديلات بنحو سبع سنوات.
وفي ضوء قرار المحكمة هذا والتعديلات التي تحرم الضحايا الفلسطينيين من الوصول إلى العدالة، فإن الخيارات القضائية المتاحة أمام الفلسطينيين في الوقت الحالي أمام القضاء الإسرائيلي تكاد تكون معدومة، وفق المركز.
واستنكر قرار المحكمة الإسرائيلية الذي يحصن مرتكبي جرائم بينة بحق الفلسطينيين ويجدد مطالبته المجتمع الدولي، ولاسيما الدول الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، بضرورة التحرك لوقف الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني ولنصوص الاتفاقية على وجه الخصوص.