إن الحديث عن الذين تركوا آثارهم الطيبة والمعطاءة ليس بالأمر السهل والهين بل هو عملا شاق.
وهنا استحضر كلاما لصديقا لي ومربيا علمني اياه عندما علم بأني أكتب عن الاحياء حيث حذرني من الكتابة عنهم لانهم يبدلون في بعض الاحيان مواقفهم ومبادئهم ولكن الوحيدون الذين لم يغيروا ولم يبدلوا هم الاكرم منا جميعا هم الشهداء لانهم ملح الارض ورائحة وعطر الوطن الجميل.
عندما تعرفت جيدا على فكر الوعي والثورة عندما كنت في اول شبابي ولازلت شابا قرأت للكثيرين من تجارب وشخصيات من سيرة محمد وآل بيته والحسين وثورته وعن المجددين والعلماء، والمجاهدين والثورين من عمر المختار والبنا وقطب والاسلامبولي وابن باديس وحسن الترابي ومالك بن نبي وشريعتي ومطهري والخميني وفتحي الشقاقي الذي من خلاله ومن خلال قراءته للواقع والتاريخ تعرفت على هؤلاء وعلى الدكتور والانسان والمتواضع والمتقبل للأخر المخالف له تعرفت على صاحب الابتسامة التي لا تفارقه حتى في اصعب اللحظات عندما كان يئن من الوجع والمرض.
تعرفت من خلال كتابه على قيمة ومكانة الثوار وجبروت وظلم وقهر العدو الصهيوني، هناك في السجون تعرفت على الدكتور سميح حمودة صاحب كتاب الوعي والثورة الذي قدمه له الشهيد فتحي الشقاقي وبعدها اصبحت اسال كل من التقي بهم من طلبته في جامعة بيرزبت من كافة التيارات والمشارب والافكار الذين اجمع جلهم على حبه ودفاعه عن المقاومة وعن الاسلام وحيويته رغم اختلاف البعض منهم معه.
وقد حدثني عنه صديقا له وشيخا لي الاستاذ والمحرر واحد قادة ومؤسسي الحركة الوطنية الاسير الشيخ خالد جرادات وعن وعيه وفكره والتزامه وقراءته وعن اعتقاله في السجون الامريكية وعن علاقاته.
تعرفت أكثر فيما بعد من صديق لي كان معي بالأسر حدثني عن اخلاقه ودمثته وتواضعه وعن كتبه الاخرى التي قراءتها وحتى اللحظة لم التقي به.
في احدى المرات كنت في زيارة لصديق لي لديه مركز دراسات ونشر وإذا بشخص يجلس في المركز ومعه حقيبة صغيره ومبتسم لا اعرف لماذا وعرفت فيما بعد أن طبيعته مبتسما كان في نقاش مع أحد رواد المركز وقد سلمت عليهم وعرفت عن نفسي وشخصيتي فقال لي ابا الحسن تعرف من هذا قلت لا قال انه الدكتور سميح حمودة فقال لي الدكتور المرحوم انا سميح حمودة بلحمه وشحمه اهلا بك فعاودت السلام عليه بحرارة وشرحت له من سنوات وانا اسمع بك وحدثوني اخوة وزملاء وطلبة عنك وكان ذلك في عام ٢٠٠٦بعد انتصار تموز.
من هنا تعرفنا وجها لوجه وبدأت معه نقاشا عن دراسته وكتابه الوعي والثورة وكيف يمكن أن يتطور وعن كتاب الشيخ المرجع محمد حسين فضل الله وبعدها غادر ولم نلتقي ولكن ابقيت على تواصل معه تلفونيا اثناء وجودي بالأسر، وسؤال له عن كثير من الامور التي لها علاقة بالفكر.
في ٢٠١٧م كنت معتقلا اداريا في سجن النقب وقد توفر التواصل من خلال الهواتف المهربة لدى الاسرى في السجون الصهيونية، تعرفت على الأسير محمد عبد الحميد الذي كتب دراسة بعنوان " ظهور المهدي وزوال إسرائيل" وقد عرضت دراسته إلى الدكتور سميح حمودة ورغم ما كان يعانيه من مرضه إلا أنه قراء الدراسة وعرض علينا وجهة نظره حيث قال: "المهدي هو شيء معنوي وأن زوال هذا الكيان بحاجة لقوة تواجهه وجهود كبيرة من مجموع الامة كلها.
وبعد الافراج عني حاولت زيارته والتعرف عليه أكثر إلا أن وضعه الصحي كان صعب جداً، الامر الذي دفعني لزيارة صديقي الروائي وليد الهودلي الذي حدثني عن المرحوم حمودة أكثر وعن حبه للوطن وعن حبه لمسجد العين الذي كان يحاضر فيه.
وهذا جزء بسيط عن هذا المثقف الواعي الذي حاضر عن المقاومة وعن الفكر الاسلامي وعن خطورة الفكر المتطرف وقد شارك في لقاءات ومقابلات كثيره.