كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الخميس، أن الأوضاع بين "إسرائيل" وقطاع غزة، مرهونة بطبيعة الحال بالتطورات التي قد تحصل في ذكرى يوم الأرض التي تصادف 30 مارس من كل عام.
وبحسب المحلل العسكري للصحيفة العبرية عاموس هرئيل، إن الأوضاع تتجه نحو "تهدئة مؤقتة" تدوم إلى ما بعد انتخابات الكنيست، لنكون بعد ذلك مفتوحة على كل الاحتمالات، وبضمنها "تسوية كبيرة" تدوم لفترة طويلة أو حرب رابعة تستعد لها "إسرائيل" منذ ثلاث سنوات.
وأشار إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، يجد صعوبة في تقديم "تسهيلات" جدية لقطاع غزة خلال المعركة الانتخابية، وفي الوقت نفسه فهو غير معني بتصعيد يقود إلى حرب واسعة النطاق قبل الانتخابات.
واعتبر هرئيل أن الجولة القتالية الحالية بين "إسرائيل" وقطاع غزة تتراجع، بيد أن ذلك لا يمنع الجولة القتالية التالية القريبة.
وأوضح أنه في حال لم يتوصل الطرفان بوساطة مصرية إلى تفاهمات بشأن التهدئة نهاية الأسبوع الحالي، فمن المتوقع أن يتوجه عشرات الآلاف من الفلسطينيين في القطاع باتجاه السياج الحدودي، مشيرًا إلى أنه في المرات السابقة كانت المسيرات تتضمن محاولات اقتحام السياج الحدودي، وإطلاق نيران القناصة من قبل جيش الاحتلال، ومقتل عدد كبير من الفلسطينيين.
ولفت هرئيل إلى أن الوفد الأمني المصري دخل للمرة الأولى بعد أسبوعين إلى قطاع غزة، في محاولة لتحقيق "تسوية صغيرة"، تفاهمات غير رسمية تتضمن تسهيلات إسرائيلية حول الحركة في المعابر ومساحة الصيد ومجالات أخرى، مقابل "لجم العنف" حتى الانتخابات في التاسع من نيسان/ إبريل، وربما بعد ذلك بقليل.
ونوه إلى أن المسؤولين" الإسرائيليين" شككوا، يوم أمس، بإمكانية التوصل إلى "تسوية كبيرة"، أي هدوء لشهور طويلة مقابل تسهيلات جدية أكثر، وهي الفكرة التي كانت قائمة في منتصف الشهر الجاري، ولكن المحادثات توقفت بعد إطلاق صاروخين من قطاع غزة باتجاه وسط البلاد. ويضيف أنه "رغم أن الطرفين اتفقا على اعتبار ذلك خطأ مؤسفا، فإن الوفد الأمني المصري غادر قطاع غزة، ولم يعد إلا يوم أمس".
وأكد المحلل العسكري على أنه من الصعب التوصل إلى اتفاق شامل عشية الانتخابات في "إسرائيل"، مبينًا أن الصعوبة قائمة بسبب الانتخابات، حيث أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي قطع زيارته إلى الولايات المتحدة بسبب إطلاق الصاروخ باتجاه "موشاف مشميرت"، يجد صعوبة في تقديم تنازلات جدية تبني عليها حركة حماس، وذلك لأن خصومه السياسيين سوف يعرضون ذلك على أنه "تنازل وخنوع للإرهاب".
وفي المقابل، أضاف: إن "حركة حماس تواجه ظروفاً ليست سهلة فهي بحاجة إلى إنجاز حقيقي لتقديمه إلى الغزيين، خاصة في أعقاب مظاهرات الاحتجاج على الأوضاع المعيشية في القطاع والتي نظمت في الأسابيع الأخيرةً.
وفي السياق، حمّل المحلل العسكري "إسرائيل" المسؤولية عن تبديد الوقت خلال السنوات الثلاث التي تلت الحرب في صيف العام 2014، مشيرًا إلى أنها لم تتبن اقتراحات التسوية التي قدمت من قبل الأمم المتحدة ومصر، في إطار محاولة تخفيف الضائقة الاقتصادية ومشاكل البنى التحتية في قطاع غزة.
واستكمل قوله: "إصرار حركة حماس على عدم الدفع باتجاه حل لقضية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، وبالنتيجة أدى هذا الجمود إلى تفجر المواجهات التي بدأت في مسيرات العودة، قبل عام بالضبط، والتي قتل فيها منذ ذلك الحين نحو 300 فلسطيني، غالبيتهم في مواجهات قرب السياج الفاصل".
وأشار إلى أن المعركة الانتخابية تؤثر على أداء نتنياهو بشأن قطاع غزة، حيث أنه عاد من واشنطن وبدأ بالمشاورات الأمنية بدافع الخشية من النظر إليه كمنعزل عن مشكلة مستوطني غلاف غزة، وبدلاً من إلقاء خطاب أمام مؤتمر "إيباك" اضطر لذلك عن طريق بث تلفزيوني متقطع من مكتبه في مقر وزارة الأمن في تل أبيب.
وفي هذا الإطار، لم يبادر نتنياهو لعقد جلسة للمجلس الوزاري المصغر، ومن المرجح أنه لم يشأ توفير منصة أخرى لعضو المجلس الوزاري نفتالي بينيت، والذي يواصل شن الهجوم على نتنياهو بوصفه وزيرا للأمن، بحسب هرئيل.
كما كشف المحلل العسكري أن جزءًا لا بأس من "يوم المباحثات" الذي أجراه نتنياهو قد كرس للمشاورات السياسية، والتي ناقش فيها أبعاد الأزمة مع قطاع غزة على الحملة الانتخابية، بما يشير إلى أن "الاعتبارات الأمنية والسياسية سوف تندمج سوية في الأيام المتبقية حتى الانتخابات أكثر من الأيام العادية".
وكان الوفد الأمني المصري، قد وصل مساء اليوم الأربعاء، إلى قطاع غزّة قادماً من "إسرائيل" للقاء قيادة حركة حماس وبحث آخر تطورات ملف التهدئة مع الاحتلال.
يُذكر أنّ قطاع غزّة يشهد منذ يوم الإثنين الماضي تصعيداً عسكرياً، يتخلله شنّ طائرات الاحتلال الإسرائيلي غارات مكثفة على أهداف بالقطاع، رداً على إطلاق صاروخ من غزّة صوب "تل أبيب" وبلدات غلاف القطاع.