عامر خليل
رغم أن الفلسطينيين غائبون عن ماكينة الدعاية الانتخابية الإسرائيلية من جهة كونهم قضية ترتبط بالصراع والاحتكاك اليومي ما يوجب التقدم ببرامج سياسية تتضمن حلولا لها إلا أنهم حاضرون في أفواه قادة الأحزاب باعتبارهم خطرا يتطلب احتوائه وعدم الاقتراب من تفكيكه وابقاء السيطرة عليهم فهم في رؤية جميع الأحزاب الصهيونية مجرد خطر ديمغرافي يجب التخلص منه بالتهجير القسري او عزلهم في كانتونات او تركهم يعيشون في سلطة حكم ذاتي مع ابقاء السيطرة على المعابر والحدود وكل ذلك يقع تحت عنوان واحد كبير هو « ارض اكبر وعرب اقل».
يعكس هذا الموقف ثقافة تسود في المؤسسة وأوساط الجمهور الإسرائيلي تغلفها العدوانية والعنصرية ضد الفلسطينيين فأي عبارة تثني عليهم او تتعاطف معهم او تطالب بانهاء الاحتلال من أي حزب يؤدي الى انعكاسات سلبية بتراجع تأييد الإسرائيليين له ويوظف نتنياهو زعيم الليكود هذا التوجه بشكل فعال لدفع الإسرائيليين نحو مزيد من الانحياز نحو اليمين وجعل عنوان حملته الانتخابية « اما بيبي او طيبي» أي نتنياهو او دكتور احمد الطيبي، وهو يشير بذلك ان التصويت لحزب «كحول لفان» هو تصويت للعرب وأوضح اكثر من ذلك عندما قال ان غانتس يخطط لتشكيل حكومة يسار بكتلة مانعة مع الاحزاب العربية.
حزب «كحول لفان» يحاول ان يبعد نفسه عن أي اقتراب من العرب او الأحزاب العربية ويحرص زعيمه على عدم ذكر العرب في أي كلمة له وعندما يتطرق لهم يقول «غير اليهود» وينفي أي تحالف معهم وتراجع عن اول تصريح بانه سيعمل على تعديل قانون القومية لان التعديل سيأتي على ذكر العرب وبدلا من ذلك يقترح آخرون في حزبه تشريع قانون باسم المساواة لتعديل الغبن الذي يمس بغير اليهود نتيجة لقانون العودة.
في برنامجه الحزبي ايضا حرص حزب «كحول لفان» على تجاهل أي رؤية تقترب من حل سياسي لا يقبله الإسرائيليون كي لا يهرب مصوتو اليمين فحل الدولتين لا يذكر في برنامجه، وعمليا فكرة الدولة الفلسطينية لا تظهر فيه بالمرة وبدلا منها كتب عنواناً يسمى «مؤتمر اقليمي يعمل على الانفصال عن الفلسطينيين»، ويتجاوز «كحول لفان» الليكود من اليمين ايضا فالبرنامج لا يتضمن أي فك ارتباط احادي الجانب من الضفة المحتلة او أي انسحاب من اربع مناطق استراتيجية: كتل الاستيطان، غور الاردن، القدس وهضبة الجولان، فيما الليكود بقيادة شارون نفذ فك ارتباط عن غزة عام 2005.
الفلسطينيون في قلب الحملات الانتخابية الاسرائيلية من جهة استخدامهم ورقة للفوز بتأييد الإسرائيليين فنفتالي بنيت الذي شكل حزب اليمين الجديد يطالب بإخلاء التجمع الفلسطيني البدوي الخان الأحمر شرق القدس المحتلة، قبل انتخابات الكنيست التي ستجرى في التاسع من نيسان المقبل، وأقرت حكومة «الليكود» خصم 500 مليون شيكل مقابل المخصصات التي تحولها السلطة الفلسطينية للاسرى والشهداء والجرحى شهريا وبدأ وزير الامن الداخلي من الليكود جلعاد اردان تنفيذ سلسلة من الخطوات التنكيلية بحق الأسرى والترويج لها امام الاسرائيليين منها فهو يدعو إلى التنكيل بالأسرى بتحديد كميات المياه والطعام وسحب معظم الإنجازات التي حققتها الحركة الوطنية الأسيرة بنضالاتها ومطلع العام الجاري اصيب 150 أسيراً في «عوفر» جراء الاقتحامات المتتالية التي نفذتها قوات القمع التابعة لإدارة معتقلات الاحتلال على أقسام السجن واستبدلت إدارة سجن «النقب» أجهزة التشويش القديمة بتقنيات أخرى أخطر تأثيرا على صحة الأسرى وتناقش لجنة الدستور في الكنيست مداولاتها لطرح قانون يتيح إعدام أسرى نفذوا عمليات قتل فيها اسرائيليون.
كان التطور الأبرز في الساحة الحزبية الإسرائيلية دخول احزاب يمين صغيرة إلى حلبة التنافس وتوحدها بدعم واسناد من نتنياهو في كتلة واحدة ومن بينها حزب القوة اليهودية الذي يتبنى برنامج حزب «كاخ» العنصري الذي اسسه الحاخام مئير كهانا وحظر في إسرائيل والولايات المتحدة وهو يدعو الى قتل الفلسطينيين وطردهم وقد نشر احد قياداته ايتمار بن غبير فيديو دعائياً يدعو الى قتل فلسطيني يحمل سكينا وعدم الخوف من النيابة العسكرية، واعتبر ان القتل هو دفاع عن النفس حتى لو كان يبعد عنه عشرات الامتار وفي احد المقابلات التلفزيونية قال ان «الصهيونية تعني طرد من لا يخلص لدولة اسرائيل هذه ليست عنصرية بل صهيونية»، ويتفاخر زعيم القوة اليهودية ميخائيل بن اريه بكهانا قائلا « كهانا اليوم هو قدوة لنا».
الفلسطينيون رغم محاولات الهرب منهم يبقون شوكة في حلق جميع الأحزاب الاسرائيلية ولا يمكن تجاهلهم باي حال والمستويات الامنية والسياسية تتحدث بوضوح عن اربعة مخاطر قد تؤدي الى انفجار الوضع والتأثير على مسار الانتخابات الاسرائيلية واجبار جميع الاحزاب على طرح مواقفها وهي القدس بعد هبة الرحمة والضفة المحتلة بعد خصم اموال الاسرى والشهداء والجرحى وغليان السجون وغزة على اعتاب البداية العام الثاني لمسيرات العودة وعودة الارباك الليلي وبذلك فان صمود الفلسطينيين ومقاومتهم يواجه الصلف والدعاية الانتخابية الاسرائيلية ويفرض نفسه على جميع الأحزاب.