نقل محلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أليكس فيشمان، المعروف بصلاته الوطيدة مع المؤسسة الأمنيّة في كيان الاحتلال، نقل عن مسؤولٍ سياسي إسرائيلي قوله إنّ موظفًا مركزيًا في الإدارة الأمريكية، ضالع في “صفقة القرن”، أبلغه بأنه بعد نشر هذه الخطة سيكون بإمكان أي عائلة فلسطينية أنْ تجلس حول مائدة العشاء، وقراءتها مع الأولاد وسترى إلى مدى يجدر تبنيها.
وتابع المسؤول الإسرائيليّ، قائلاً إنّه لم يصدق ما سمعته أذناه من موظف في الإدارة الأمريكية يتجول في الشرق الأوسط، منذ انتخاب ترامب رئيسًا، لكنّ الموظف أضاف أنّ الخطة كُتبت بصورة بسيطة جدًا، ومن دون صياغات قانونية، وفي المقابل توجد فيها أوصاف هدفها إقناع الجمهور الفلسطيني إيجابياتها، مثل توفر العمل والمال وحرية التنقل وسيادة معينة. على حدّ تعبيره.
وبحسب المُحلّل فيشمان، فإنّ المسؤول الإسرائيليّ سجل ملاحظة أمامه حول الخطة، مفادها أنّه عندما تلتقي السذاجة والهواة فهذه وصفة لكارثة، تسرع الانفجار بين "إسرائيل" والفلسطينيين.
ذكرت تقارير صحفية إسرائيلية أن جيش الاحتلال حذّر مؤخرا الحكومة الإسرائيلية من احتمال حدوث تصعيد أمني في الضفة الغربية، بسبب قرارات تتخذها الحكومة على خلفية الانتخابات العامة للكنيست، وبسبب الوضع الاقتصادي السيئ في الأراضي المحتلة.
وأشار جيش الاحتلال في سياق القرارات الإسرائيلية التي من شأنها أن تقود إلى تصعيد، قرار خصم نصف مليار شيكل من عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية بزعم دفعها رواتب الأسرى وأسر الشهداء. وشدد جيش الاحتلال على أن هذا القرار اتخذ بدوافع سياسية حزبية متعلقة بانتخابات الكنيست.
ويسود اعتقاد في أجهزة الأمن الإسرائيلية أن السلطة الفلسطينية لن تتوقف عن دفع رواتب الأسرى، وأن إيقاف هذه الرواتب من شأنه أن يثير نقمة بين الأسرى، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الإثنين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في أجهزة الأمن هذه، قولها إنه توجد أسباب أخرى قد تقود إلى تصعيد في الضفة، بينها تغيير القيادة الفلسطينية.
وقال أحد هذه المصادر إن "القيادة الحالية ضعيفة وتمتنع عن القيام بخطوات ملموسة ضد إسرائيل"، وهذا الأمر أدى إلى "أزمة ثقة" مع سكان الضفة.
وأضاف أن هذه الأزمة يمكن أن تؤدي إلى انقلاب في السلطة، وكذلك إلى اندلاع أعمال عنف بين الفلسطينيين في الضفة.
وأضافت الصحيفة أن أجهزة الأمن الإسرائيلية استعرضت، مؤخرا، أمام المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) تقارير حول سيناريوهات يمكن أن تقود إلى اشتعال الوضع في الضفة.
وقالت هذه التقارير أن الوضع قد ينفجر في أعقاب حدث على خلفية قومية ويتحول إلى مواجهة على خلفية دينية، مثل إعادة نصب بوابات إلكترونية لاكتشاف المعادن عند مداخل الحرم القدسي، أو أحداث حول المسجد الأقصى، يسقط فيها عدد كبير من الشهداء، أو حدوث استياء كبير بين الفلسطينيين إثر طرح الإدارة الأميركية لخطة "صفقة القرن".
واعتبرت أجهزة الأمن أن اندلاع مواجهات في الضفة من شأنها أن تعزز مكانة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس. وبحسب المصادر الأمنية الإسرائيلية، فإن عباس يستخدم وضع السلطة الاقتصادي، بعد تقليص ميزانيتها بمليار دولار تشكل 20% من الميزانية، في العام الماضي، من أجل إثارة حالة غليان لدى الجمهور الفلسطيني ضد إسرائيل وضد حركة حماس أيضا.
وقال مصدر أمني إسرائيلي رفيع إنه "فيما السلطة لا تنجح في دفع الجمهور إلى التظاهر من أجل مواضيع سياسية أو سياسية داخلية، يخرج الفلسطينيون إلى شوارع بحشود كبيرة عندما غيّر عباس قوانين التقاعد ومس بجيب الفلسطينيين".
وتشير تحليلات أجهزة الأمن الإسرائيلية، وفقا للصحيفة، إلى أن الشعور بين الفلسطينيين، منذ إقامة جدار الفصل العنصري، هو فقدان الأمل، بسبب عدم وجود أفق سياسي بالإمكان التمسك به. وبحسب هذه التحليلات، فإن عباس يواجه مصاعب في طرح معطيات اقتصادية مشجعة، كما أن الجمهور الفلسطيني ينظر إلى "صفقة القرن" على أنها مؤامرة إسرائيلية – أميركية. ولذلك فإن عباس عالق بين انعدام القدرة على العمل ضد إسرائيل، التي تدير ظهرها إليه، وبين الحاجة إلى إظهار إنجازات للجمهور الفلسطيني.
وإزاء الوضع الاقتصادي الصعب في الضفة، قالت الصحيفة إن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) والجيش الإسرائيلي يطلبان تخفيف شروط دخول نحو 100 ألف عامل فلسطيني يعملون داخل "الخط الأخضر" وفي المستوطنات.
وفي موازاة الوضع في الضفة، فإن الوضع في قطاع غزة قابل للاشتعال بشكل كبير، وقالت الصحيفة إن تقديرات المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي تشير إلى وجود احتمال كبير بتصعيد بين إسرائيل وحماس. ولفتت الصحيفة إلى أقوال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، بأنه ينبغي الاستعداد في الجبهة مع غزة في الأمد القريب، وأنه صادق على خطط عسكرية لشن عدوان على غزة.
وتتحسب دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من أن حماس تسعى إلى تصعيد من أجل طرح قضية الوضع الإنساني المتردي في القطاع على الأجندة الدولية، بعد أن وصلت المحادثات بهذا الخصوص إلى طريق مسدود.
رغم ذلكن تولي أجهزة الأمن الإسرائيلية أهمية أكبر لاحتمال تفجر الوضع في الضفة، حتى لو كان ذلك محدودا، لأن جيش الاحتلال سيضطر إلى نقل قوات كبيرة إلى الضفة، من أجل حماية المستوطنات ومنع دخول فلسطينيين إلى داخل "الخط الأخضر".
وقالت الصحيفة إن أجهزة الأمن أوضحت للحكومة، في جميع التقديرات التي استعرضت في العامين الأخيرين، أن الصعوبة في مواجهة تصعيد في الضفة نابع من موقعها على طول وسط البلاد، واعتبرت هذه الأجهزة أن على إسرائيل والفلسطينيين الحفاظ على محادثات بينهما حول مواضيع مثل المياه والصرف الصحي والشوارع.
لكن مصدرا أمنيا لفت إلى أن "لا أحد يقول صراحة ماذا يريد أن يحدث في الضفة في الأمد البعيد" في إشارة إلى الجمود السياسي العميق الحاصل منذ سنوات.