كشف ما يسمى بـ "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي توقعاته بشأن خارطة المخاطر التي تهدد "إسرائيل" خلال العام 2019.
وجاء في التقرير السنوي الذي تضمن دراسات عدّة بشأن مستقبل الجبهات المتعددة التي تواجهها "إسرائيل"، ونشر اليوم الخميس، أن أكبر المخاطر التي تتهدد "تل أبيب" خلال العام الجاري تتمثل في إمكانية اندلاع حرب شاملة في الشمال والجنوب، تكون ساحتها سورية ولبنان وقطاع غزة.
وبحسب التقرير، فإن "إسرائيل" ستواجه في هذه الحرب كلاً من إيران و"حزب الله" والنظام السوري وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة.
وبخلاف التهديدات التي يواصل رئيس وزراء الاحتلال ووزير الحرب الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إطلاقها، فإن تقرير المركز، الذي شارك في إعداده عدد كبير من الباحثين برئاسة الجنرال عاموس يادلين، مدير المركز والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية، يحذر من مواصلة إسرائيل استراتيجية استهداف إيران داخل سورية، حيث خلص التقرير إلى أن هذه الاستراتيجية بأدواتها الحالية قد استنفدت ذاتها.
وتوجه التقرير إلى صناع القرار في "تل أبيب"، لافتاً إلى أن العوائد الإيجابية التي تنطوي عليها استراتيجية استهداف الوجود العسكري الإيراني في سورية، ومحاولة إحباط قدرة طهران على بناء قوة عسكرية هناك، لا تبرر المخاطر الجمة التي تنطوي عليها.
ورأى التقرير أن "إسرائيل" مطالبة بصياغة عقيدة أمنية جديدة تمكنها من مواجهة التحديات المتمثلة في انتقال إيران لتطوير الصواريخ ذات إصابة عالية الدقة في لبنان والعراق، إلى جانب مواجهة القيود التي باتت روسيا تفرضها والتي تقلص من هامش المناورة أمام تل أبيب في سورية.
وزعم التقرير على أن إيران عمدت من جانب إلى بناء قوة عسكرية مستقلة في سورية، إلى جانب سعيها لتمكين "حزب الله" من الحصول على صواريخ ذات إصابة عالية الدقة، لافتاً إلى أنه على الرغم من تعرض الأهداف الإيرانية في سورية لضرر كبير بسبب عمليات القصف التي نفذتها "إسرائيل"، إلا أن الاستراتيجية الإسرائيلية لم تؤثر على دافعية طهران على التمركز عسكرياً هناك.
تعاظم اندلاع مواجهة مع غزة خلال 2019 يرجع إلى تعاظم الأزمتَين الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب تأثيرات العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية وتهاوي قوة الردع في مواجهة "حماس" على حد زعم التقرير.
وبحسب التقرير، فإن استقرار نظام بشار الأسد وحصوله على أسلحة روسية نوعية إلى جانب القيود التي تفرضها موسكو، قلصت إلى حد كبير من هامش المناورة أمام الجيش الإسرائيلي.
واستدرك أن هناك ما يدل على أن إيران أحدثت تحولاً على سلم أولوياتها الإقليمية، مشيراً إلى أن طهران باتت تركز على الاستثمار في بناء قوة عسكرية كبيرة لها في العراق، إلى جانب تكثيف الجهود الهادفة إلى تمكين "حزب الله" من الحصول على سلاح نوعي، مشدداً على أن قدرات الحزب التسليحية تثير القلق.
وأوضح أن ما يفاقم المخاطر في الجبهة الشمالية حقيقة أن "حزب الله" قد حصل على صواريخ أرض بحر طويلة المدى وذات دقة عالية، إلى جانب أن الحزب قد حسّن من قدرات منظومات الدفاع الجوي التي بحوزته.
وتوقع أنه في حال نشبت مواجهة بين "إسرائيل" وإيران في سورية، فإنها سرعان ما ستتطور وستشمل لبنان، مرجحاً أن حركات المقاومة الفلسطينية العاملة في قطاع ستنضم للمواجهة.
ودعا التقرير إلى مواصلة العمل على منع وصول السلاح المتطور إلى "حزب الله" إلى جانب الاستعداد لشن عمل عسكري لإفشال مشروع إنتاج الصواريخ ذات الدقة العالية وتوجيه ضربة قوية للمنظومة التكنولوجية التي دشنتها إيران في لبنان لتحقيق هذا الغرض.
وحث التقرير على ضرورة أن تعلن "إسرائيل" بشكل لا يقبل التأويل أنها ستستهدف الدولة اللبنانية ومرافقها ومنشآتها، في حال اندلعت مواجهة مع "حزب الله".
وفي ما يتعلق بالجبهة الجنوبية، فقد دعا التقرير صناع القرار وقيادة الجيش في تل أبيب إلى إعداد خطة لمواجهة المقاومة في غزة لا تشمل بشكل من أشكال احتلال القطاع، مشيراً إلى أن خطر اندلاع مواجهة بين "حماس" وإسرائيل خلال عام 2019 أكبر من احتمال اندلاع مواجهة مماثلة ضد "حزب الله" وإيران في الشمال.
وبحسب التقرير، فإن تعاظم اندلاع مواجهة مع غزة خلال 2019 يرجع إلى تعاظم الأزمتَين الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب تأثيرات العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية وتهاوي قوة الردع في مواجهة "حماس"، كما عكست ذلك موجات التصعيد الأخيرة.
ودعا التقرير إلى استغلال أية مواجهة مع القطاع في إلحاق أكبر ضرر ممكن بالذراع العسكرية لحركة "حماس" والمقاومة، وضمن ذلك المساس بمركز ثقل وإمكانيات الحركة عسكريا.
وشدد معدو التقرير على تصميم المواجهة ضد "حماس"، دون مراعاة أن تسهم العمليات العسكرية في إبقاء الحركة كعنوان للحكم في القطاع.
وفي ما يتعلق بالخطة الأميركية للتسوية، المعروفة بـ"صفقة القرن"، لفت التقرير إلى أن هذه الخطة محكومة بالفشل، مشيراً إلى أن "إسرائيل" ستحقق نصراً من خلال تحميل الفلسطينيين المسؤولية عن رفض الخطة.
وحذر من مستقبل الأوضاع في الضفة الغربية لا سيما في ظل وجود مؤشرات على تهاوي مكانة السلطة الفلسطينية، معتبراً أن ما يفاقم الأمور تعقيداً حقيقة أن الوضع الصحي لرئيس السلطة محمود عباس يزيد المخاطر الناجمة عن هذا الواقع.
وشدد معدو التقرير على أنه في حال لم تعمل إسرائيل على معالجة الواقع في الضفة الغربية، فإن الأمور يمكن أن تتدهور لدرجة الاستدراج إلى "واقع الدولة الواحدة"، مع كل ما يترتب على هذا الأمر من مخاطر، لا سيما خسارة إسرائيل طابعَيها الديموقراطي واليهودي.
ولفت التقرير إلى التناقض في الواقع الاستراتيجي "لإسرائيل"، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن "إسرائيل" تتمتع بتفوق عسكري ومنعة استراتيجية واقتصادية غير مسبوقة، إلا أنها غير قادرة على توظيف هذا التفوق وتلك المنعة في مواجهة التحديات التي تتهدد أمنها القومي.
واعتبر التقرير أن البرنامج النووي الإيراني يعد التهديد الأكبر الذي يواجه "إسرائيل".