شهد العام الماضي2018 تصاعداً كبيراً في اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي على الحريات الإعلامية في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي تمثلت باستشهاد صحافيين وإصابة عدد آخر لا سيما على الحدود الشرقية لقطاع غزة التي تشهد مسيرات، وتدمير مقار مؤسسات إعلامية.
جاء ذلك في التقرير السنوي لعام 2018 الصادر عن لجنة دعم الصحافيين.
ويشير التقرير الى وجود تصاعد ملحوظ في اعتداء جيش الاحتلال على الحريات الإعلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي ارتفعت حدتها في شهر مايو/ أيار جراء تكثيف عمل الصحافيين في تغطيتهم لمسيرات العودة الكبرى على الحدود الشرقية لقطاع غزة، مما أسفر عن ارتقاء صحافيين شهيدين.
ووثقت اللجنة في تقريرها تزايد الاعتداءات على الصحافيين، سواء بالقتل العمد جراء إطلاق النار الحي والمتفجر واستهدافهم مباشرة أو بهدم مؤسساتهم الإعلامية، عدا عن الاعتقال والاحتجاز والاقتحام ومنع التغطية أو منع من السفر، وغيرها من الانتهاكات التي تمس حقوق حرية الصحافي في التعبير عن الرأي وأداء عمله بحرية.
ويشدد التقرير على أن الانتهاكات بحق الصحافيين والإعلاميين اقترفت عمداً، وأنه تم استخدام القوة المفرطة دون مراعاة لمبدأي التمييز والتناسب، ضاربة بعرض الحائط المواثيق الدولية كافة والحقوقية والإنسانية التي تكفل حرية العمل الصحافي. ووثق التقرير السنوي 926 انتهاكا على حرية الصحافة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فيما بلغت 199 انتهاكاً من قبل جهات فلسطينية تشمل: جرائم انتهاك الحق في الحياة والسلامة الشخصية للصحافيين، وتعرض صحافيين للضرب وغيرها من وسائل العنف أو الإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية.
انتهاكات إسرائيلية (926)انتهاكا
وسجّلت خلال فترة التقرير حوادث القتل العمد وقصف المؤسسات الإعلامية والثقافية كاستهداف في قطاع غزة فضائية الأقصى وتدميرها بشكل كامل، واستهداف مؤسسة المسحال للفنون الثقافية، والمكتبة العامة وقرية الفنون والحرف، عدا عن استهداف المطابع والمؤسسات الإعلامية في الضفة المحتلة وإغلاق مؤسسات إعلامية كإغلاق قناة القدس الفضائية العضو في الاتحاد من العمل داخل الأراضي المحتلة عام 1948 ومدينة القدس ومنع التعامل معها من قبل الشركات التي تقدم خدمات إعلامية وإغلاق لمطبعة مؤسسة إيليا للإعلام الشبابي، وموقع قناة فلسطين اليوم الإخبارية، وموقع الرسالة للإعلام، ووكالة الراي الفلسطينية، وفضائية الأقصى عدة مرات.
كذلك تمادى الاحتلال في الاستهداف المباشر للصحافيين مستخدما شتى أنواع الوسائل القتالية الحربية، مخلفاً أضرارا جسيمة باستهدافه للأطراف السفلية للصحافيين ليمنعهم عن أداء عملهم، عدا عن حملات الاعتقال والاحتجاز للصحافيين وإبعاد آخرين، ومنع الصحافيين من دخول مناطق معينة أو تغطية أحداث، ومصادرة أجهزة ومعدات ومواد صحافية، ومنع الصحافيين من السفر إلى الخارج، إضافة إلى مداهمة منازل صحافيين وتدمير محتوياتها.
ورصدت اللجنة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير 369 حالة اعتداء وإطلاق نار على الصحافيين بينهم صحافيات، سواء كانت الاستهدافات بشكل مباشر بالرصاص الحي او المغلف بالمطاط، او بالضرب والدهس والركل وإلحاق الأذى والكسور والرضوض في أنحاء جسدهم والإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة والاصابة بالاختناق جراء استنشاق الغاز السام وغاز الفلفل، وتعرض معداتهم للتدمير والتحطيم.
ونال الصحافيون في قطاع غزة نسبة عالية من الاستهداف خاصة خلال تغطيتهم مسيرات العودة على الحدود الشرقية للقطاع التي بدأت في شهر مارس/ آذار الماضي أدت إلى إصابة 281 حالة توزع كالآتي:
84 جريحا بالرصاص الحي والمتفجر وشظايا الرصاص
126 اختناقا وإغماء من الغاز
71 إصابة بقنبلة غاز مباشرة أدت الى حروق وجروح وكسور
14إصابة بالرصاص المغلف بالمطاط
بينهم 39 صحافية أصيبت بالرصاص وقنابل الغاز والاختناق والإغماء
أما الاعتقالات خلال العام الماضي فسجلت 105حالات تعرض خلالها الصحافيون للاعتقال، والاستدعاء والاحتجاز لساعات وأيام باستخدام أساليب تعذيب قاسية خلال التحقيقات معهم عدا عن فرض سياسة الإبعاد أو الحبس المنزلي.
في حين وثقت خلال سنة71 انتهاكا تنوع ما بين تمديد اعتقال أكثر من مرة قبيل موعد الإفراج عنهم، مثل الكاتبة والإعلامية لمى خاطر الذي تم تمديد اعتقالها ما يفوق 7 مرات، وتثبيت أحكام بحق صحافيين، وإصدار أحكام بحق آخرين، وتأجيل محاكمة بعض منهم لا يزالون في سجون الاحتلال.
كما رصد التقرير أيضا 95 حالة تم فيها منع صحافيين من ممارسة عملهم وتغطية الأحداث وتضييق الخناق عليهم .
إلى ذلك، سجلت 9 حالات تحريض واتهام وملاحقة لصحافيين ومؤسسات إعلامية وإجبارهم على اغلاق مؤسساتهم، في حين تم رصد 104 حالات إغلاق وتهديد بإغلاق وتشويش على مؤسسات إعلامية ومحاربة المحتوى الفلسطيني كإغلاق وحذف وحظر العديد من المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك واليوتيوب وغيرهما.
وتم تسجيل 68 حالة اقتحام ومداهمة وتفتيش وتحطيم، ومصادرة أجهزة ومعدات وسيارات البث، ومواد صحافية لمنازل صحافيين ومؤسساتهم الإعلامية. ولم يقف الاحتلال عند هذا الكم الهائل من الانتهاكات بل تمادى في منع الصحافيين من السفر سواء لتلقي العلاج، أو لحضور مؤتمر دولي، او تسليم جوائز لهم والتي سجلها التقرير.
وركز التقرير على ما يتعرض له الصحافيون من انتهاكات في سجون الاحتلال ومضايقات والتي بلغت 51 انتهاكاً من بينهم إجبار 33 صحافيا على دفع غرامة مالية، عدا عن الاعتداء والتعذيب والمعاملة القاسية، ومنعهم من زيارة محاميهم وعائلاتهم، وتقديم لائحة اتهام لتواصل اعتقالهم، ورفض الافراج عنهم، وتثبيت، والإهمال الطبي في علاجهم، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة.
(199) انتهاك فلسطيني للحريات الاعلامية
وبشأن الانتهاكات الداخلية الفلسطينية سجل التقرير السنوي لـ 2018 ما يقارب 199 انتهاكاً وارتفعت نسبة الانتهاكات الفلسطينية بسبب الاعتداءات على الصحافيين في الضفة الغربية، جراء اعتداء عناصر أمنية فلسطينية بالزي الرسمي والمدني على الصحافيين الفلسطينيين بالضرب المبرّح والدفع، ومصادرة كاميرات وهواتف وتكسيرها، والرش بغاز الفلفل، والتهديد والشتم، لمنعهم من تغطية مسيرة في مدينة رام الله دعت إلى رفع العقوبات عن قطاع غزة في شهر يونيو/ حزيران الماضي.
توزعت الانتهاكات في رصد 146 انتهاكا في الضفة المحتلة، و 53 في قطاع غزة، تمثلت في اعتقال واستدعاء واحتجاز 77 من الصحافيين، وتمديد اعتقال وتأجيل محاكمة 21 حالة، واعتداء وإصابة بلغت 26 حالة.
فيما سجلت 16 حالة تحريض وتهديد وفصل من العمل، كما بلغ عدد الاقتحام والمداهمة 9 حالات، و12 مصادرة معدات و 35حالة منع من التغطية وعرقلة عمل.
وإثر ذلك أشارت لجنة دعم الصحافيين إلى أن قوات الاحتلال لا تزال تمارس الانتهاكات بحق الصحافيين خلافاً للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بحرية الصحافة، موضحة أن حكومة الاحتلال التي وقعت على هذا الاتفاقيات لم تلتزم بها، وتقوم بشكل يومي بانتهاك الحريات وتطارد الصحافيين خلافاً لما وقعت عليه من المعاهدات والاتفاقيات التي بقيت حبرا على ورق في ظل الاستهداف المتواصل لأبناء الشعب الفلسطيني بكل أطيافه.
ودعت الصحافيين إلى توثيق الانتهاكات بحقهم بالفيديو والصور والشهادات، وتقديمها للجان ومؤسسات دولية وحقوقية، مثمنة أداء الصحافيين وشجاعتهم وإصرارهم على القيام بواجبهم في فضح وتعرية جرائم الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني المنتفض ضد الاحتلال وضد قرارات الإدارة الأمريكية بشأن القدس.
وأشادت بعمل وسائل الإعلام الفلسطينية وغالبية وسائل الإعلام العربية والدولية، التي تكرس حيزا كبيرا لتغطية ما يجري في فلسطين المحتلة.
وأوضحت أن الاحتلال الاسرائيلي يستخدم نوعا مختلفا من الغاز السام، ادى لمضاعفات على مستوى التنفس والرؤية وأدت لاضطرابات بالجهاز الهضمي وهبوط عام على مستوى النشاط البدني لساعات طويلة، كما سجلت التغطية على مدخل البيرة توجيه الأسلحة بشكل مباشر والتهديد بإطلاق النار عن قرب في حال عدم المغادرة في 3 مناسبات على الأقل، إحداها كانت عبر قوات المستعربين.
ودعت الصحافيين إلى مواصلة رسالتهم الإعلامية للعالم وتسليط كاميراتهم، وتوجيه أقلامهم ، لفضح ممارسات الاحتلال التي تسعى الى طمس الحقيقة لارتكاب المزيد من عمليات القتل والسلب والنهب للفلسطينيين والأراضي الفلسطينية.
وطالب المؤسسات الدولية والحقوقية للوقوف عند مسؤولياتها وحماية الصحافيين الذين تستهدفهم قوات الاحتلال برصاصها وممارساتها الهمجية الرامية لطمس الحقائق واستباحة القتل والاعتقال والتنكيل بالفلسطينيين العزل.