بينما بات مكشوفاً الدور المصري والقطري الأساسي في ضمان الهدوء في قطاع غزة، يعمل العدو الإسرائيلي على تنفيذ اتفاق مشترك مع السلطة الفلسطينية وجهاز «المخابرات المصرية» مضافاً إليهما الأردن وقطر، للضغط على قدرات المقاومة عامة وحركة «حماس» في الضفة المحتلة، وهو القرار الذي بدأ العمل عليه، بل عُقدت اتصالات ولقاءات من أجله، عقب سلسلة العمليات الأخيرة ضد جنود العدو والمستوطنين خلال الأشهر الماضية.
وعلمت «الأخبار» اللبنانية من مصادر مقربة إلى «حماس» أن الخطة جاءت بطرح أردني ومصري وفلسطيني (السلطة)، ليحوز موافقة "إسرائيلية" وأيضاً مشاركة قطرية، وأن الحركة «حصلت على تفاصيل كاملة عن الخطة التي تشمل حملة شاملة ضد قواعدها وعناصرها في الضفة». الخطة تتفرع إلى جانبين: الأول عملياتي والثاني استخباري، مع الاستمرار في حملة الاعتقالات والتحقيقات الهادفة إلى إحباط تشكيل خلايا عسكرية أو تنفيذ عمليات، وهذا الشق منوط مباشرة بقوات العدو.
كما تتضمن استمرار رفع تكلفة العمليات فلسطينياً عبر تسريع هدم منازل المنفذين والضغط على أقاربهم، كي «يرتدع أي شخص يفكر في الانضواء تحت مجموعات تابعة لحماس في الضفة».
تتقاطع المعلومات التي وصلت الحركة مع الأنباء الأخيرة عن لقاءات يعقدها مسؤولون في السلطة مع نظرائهم الإسرائيليين، وكذلك وصول إفادة لـ«حماس» بأن رام الله تبلغ أولاً بأول المعلومات عن الأشخاص الذين يتوقع أن تكون لهم علاقة بها للإسرائيليين، كما تستمر الأجهزة الأمنية الفلسطينية في منع أي فعاليات جماهيرية أو اجتماعية أو طلابية في الضفة، إضافة إلى متابعة الأنشطة الخاصة بطلاب الحركة داخل الجامعات.
ما سبق شبه معروف لدى الأوساط المعنية، لكن الدور الأردني، تضيف المصادر نفسها، صار يتمثل في تقديم الدعم الأمني والاستخباري بصورة أوسع إلى السلطة والعدو عن عناصر «حماس» في الضفة وعلاقتهم بقراباتهم وأصدقائهم في المملكة، بالإضافة إلى التأكيد لرام الله الوقوف السياسي ضد أي محاولة عربية لتجاوزها، في إشارة إلى القاهرة. أما القطريون، فنقلوا رسائل إسرائيلية إلى «حماس» خلال الأسبوعين الماضيين تطالبها بـ«التوقف عن العبث في ساحة الضفة»، وأخرى تهدد بعودة سياسة الاغتيال ضد الأشخاص المحركين للخلايا داخل غزة. وهنا، تقول المصادر، «نصح القطريون حماس بتخفيف التحريض في الضفة، لضمان استمرار الهدوء في غزة وكذلك التفاهمات الأخيرة لتحسين الواقع الاقتصادي في القطاع».
في وقت متزامن، التقى رئيس السلطة محمود عباس، الملك الأردني عبد الله الثاني، الثلاثاء الماضي في العاصمة عمان، وتباحث معه مستجدات الأحداث في الضفة، وفق البيان الرسمي. لكن المحلل "الإسرائيلي" يوني بن مناحيم تحدث عن أسباب أخرى للقاء، قائلاً إن هناك «خشية مشتركة لدى الطرفين على سلطتهما في عمان ورام الله، فعباس يخشى أن تكون صفقة القرن الأميركية مقدمة لإزاحته عن المشهد السياسي، لذلك سافر إلى عمان لطلب الدعم من الملك الذي يعاني أيضاً ضائقة اقتصادية وسياسية كبيرة في بلاده».
ونقل مناحيم عن «أوساط فلسطينية» أن «اللقاء... يتزامن مع التدهور الأمني في الضفة بسبب العمليات الأخيرة، ما عجّل بعقد لقاء حسين الشيخ، وهو أحد قادة حركة فتح المقربين من عباس، مع رئيس جهاز الشاباك نداف أرغمان، بضغط من الأردن ومصر»، علماً أن الأخيرة زار وفد مخابراتها رام الله في الوقت الذي كانت الضفة مشتعلة.
وأضاف الكاتب الإسرائيلي: «يخشى عباس أن تؤدي التفاهمات الإقليمية والدولية إلى تثبيت تهدئة بعيدة المدى بين حماس وإسرائيل في غزة، فيما تسعى الحركة في فترة لاحقة لإشعال الضفة... عبد الله يخشى أن انهيار السلطة سيؤدي إلى انتفاضة مسلحة في الضفة ضد إسرائيل، وصراعات مسلحة بين المجموعات الفلسطينية المختلفة حول مستقبل الوراثة».
في غضون ذلك، أجرى عباس، مساء أمس، اتصالاً بالملك السعودي سلمان، للحديث في «آخر المستجدات السياسية على صعيد القضية والتطورات في المنطقة والعالم... وتعهد الملك سلمان الدفاع عن قضية فلسطين»، وفق البيان الرسمي، من دون أن ترشح معلومات إضافية.
إ