القضية الفلسطينية لا تزال تحتفظ بمكانتها في الضمير العالمي، والمقاومة مؤيّدة من دول حول العالم صوتت ضد مشروع القرار الأمريكي لإدانة حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، معادلةٌ يراها مراقبون للإدارة الأمريكية أن السياسات التي تتبعها الأخيرة غير حكيمة، وأنه يجب العمل لحل عادل للقضية الفلسطينية، وبحسب القرارات الدولية، ورسالةٌ للعرب وبعض الأشقاء الفلسطينيين بأن المقاومة شيء لا يمكن الخجل منه؛ كون مقاومة الاحتلال حقًّا للشعوب.
وفشلت أمريكا أول من أمس، في تمرير مشروع قرار يدين حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث حصل المشروع على موافقة 87 دولة واعتراض 57 وامتناع 33، بيْد أنه كان يحتاج ثلثي الأصوات لاعتماده.
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في واشنطن د. ادمون غريب، يعتقد أن فشل المشروع يظهر أن هناك نوعًا من الإجماع الدولي بأغلبية تعتقد أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي تمثل إلى حدّ كبير إجراءات تعسفية وغير عادلة، وأنه يجب أن يكون هناك كما ذكر المندوب الإيرلندي خلال التصويت عندما قدّم مشروعًا مناهضًا للمشروع الأمريكي بأنه يجب أن يكون هناك حل عادل للقضية الفلسطينية، وصوتت أغلبية ساحقة لصالح المشروع الإيرلندي.
في المقابل كما ذكر غريب لصحيفة "فلسطين"، حاولت أمريكا من خلال التصويت على مشروع إدانة المقاومة بأن تمرر القرار ولو بأغلبية بسيطة أو بفارق صوت واحد، "لكن هذه المحاولات لم تكن كافية، وأظهرت الكثير من الدول عدم ارتياحها ليس فقط للسياسات الإسرائيلية بل للسياسات الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية".
وحول رسائل الفشل للإدارة الأمريكية، يرى أن الإدارة الأمريكية تكرر مواقفها وتعد الأمم المتحدة منظمة معادية لـ(إسرائيل)، وأنه أمر غير مقبول ويجب تغييره، وهناك دعوات بالانسحاب من الأمم المتحدة، لكن عددا كبيرا من الأمريكيين يعتقدون أن الفشل رسالة بأن السياسات التي تتبعها إدارتهم غير حكيمة، وأنه يجب العمل على حل عادل للقضية الفلسطينية وحسب القرارات الدولية.
إلا أنه لا يستبعد محاولة أمريكا تمرير القرار بصيغة مختلفة، نظرًا لوجود تأثير إسرائيلي في المؤسسات الحكومية الأمريكية خاصة الكونجرس.
ويرى غريب أن ما حدث رسالة مهمة بأن هناك تفهمًا وتعاطفًا رغم النفوذ الأمريكي وبعض حلفائه، مع القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني، وأن هناك فرصًا حقيقية للعمل في ظل وجود تعاطف دولي يمكن الاستفادة منه والتحرك لتعبئة الدعم لحقوق الفلسطينيين، وأنه يمكن العمل مع كل هذه القوى من أجل ذلك.
وعد الكاتب والمحلل السياسي من جنيف سامر أبو العنين، الفشل الأمريكي في تمرير مشروع قرار يدين المقاومة، إعلانًا واضحًا وصريحًا بأن هناك شعوبا ودولا مقتنعة بعدالة القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة ورفض الاحتلال.
ويرى أبو العنين في حديثه لـ"فلسطين" أن الرسالة التي وصلت إلى أمريكا بأن جميع المحاولات لشيطنة المقاومة وتحويل الاحتلال لأمر واقع مرفوض بإجماع دول العالم، وخاصة أن من بين الدول التي صوتت ضد المشروع من ذاقت مرارة الاستعمار والاحتلال.
ويعتقد أن الدول التي صوتت للمشروع الأمريكي تخشى فعليا معاداة أمريكا، ولا تحترم حقوق الإنسان بشكل عام، ولا تفهم القضية الفلسطينية بصورتها الصحيحة، أما الدول التي صوتت ضده تدرك أن معايير العدالة والحق واحترام حقوق الإنسان لا تتجزأ.
ولفت إلى أن المطلوب من الكتل العربية والإسلامية دعم المقاومة الفلسطينية بكل قواها، والكف عن التلويح المباشر بأن المقاومة تسير ضد التيار.
ويعتقد أبو العنين أن فشل المشروع رسالة واضحة للسلطة أن المقاومة ليست شيئًا نخجل منه، بل على العكس نعتز به؛ لأن ثلثي العالم صادق لمصلحة رفض المشروع الأمريكي، ورفض اعتبار المقاومة الفلسطينية إرهابية، واعتبارها حقًّا مشروعًا، مشددًا على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني سياسيا ومعنويا وتسيير المشاريع وتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".