في الوقت الذي يحاول فيه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فتح باب العلاقات مع بعض الأنظمة العربية من خلال التطبيع العلني، يواجه نتنياهو “انتفاضة” يمينية داخل الكيان "الإسرائيلي"، بعدما قدم وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان استقالته متهما إياه بالتهاون في أمن الكيان والخضوع أمام المقاومة الفلسطينية على إثر موجة التصعيد الأخيرة في قطاع غزة والتي انتهت بوقف متبادل لإطلاق النار برعاية مصرية.
ما جرى خلال الجولة الأخيرة ألقى بظلاله على الحلبة السياسية "الإسرائيلية" وخلق توتراً غير مسبوق واتهامات متبادلة حول اتفاق التهدئة الذي جاء تحت ضربات المقاومة وشكل انتصارا سياسيا لغزة، وفجر بشكل نهائي فيما يبدو الخلافات المتراكمة بين ليبرمان وبنيامين نتنياهو.
ليبرمان استغل الاتفاق على وقف اطلاق النار لإحراج نتنياهو وتثوير الشارع "الإسرائيلي" ضده، وأشار إلى محطتين أقنعتاه بضرورة الاستقالة، الأولى سماح "إسرائيل" بنقل 15 مليون دولار من قطر في حقائب إلى حركة حماس، والثانية رفضه اتفاقا جرى مع المقاومة لإنهاء التصعيد في غزة.
يقول ليبرمان "الحجة إن إسرائيل لا تريد عملية عسكرية واسعة في غزة لأنها مشغولة في جبهات أهم ذريعة غير مقبولة. الأولوية في الراهن هي جلب الأمن لسكان الجنوب.. لم أعد أقدر أن أنظر إلى عيون سكان الجنوب وأهالي الجنود والمواطنين الإسرائيليين المحتجزين في غزة".
بالإضافة إلى ذلك، يتضح من استطلاع نشرته القناة الثانية الأربعاء الماضي أن هناك عدم رضا من إدارة نتنياهو فيما يتعلق بالجولة الأخيرة مع المقاومة الفلسطينية وتكبد الاحتلال خسائر باهظة على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والعسكرية.
في حين هتف المتظاهرون في "تل أبيب" رفضاً لإنفاق التهدئة : "اصحَ يا بيبي، الجنوب يشتعل”، ورددوا “نريد العيش بهدوء”. كما اطلقوا صفارات الإنذار بشكل متواصل واستلقوا على الأرض.
استقالة وزير حرب الاحتلال، التي قدمها مؤخراً، هزت حكومة نتنياهو الائتلافية اليمينية، وقال المتحدث باسم ليكود إن نتنياهو دعا إلى بذل “كل جهد للإبقاء على الحكومة اليمينية” ومنع اليسار من الوصول إلى الحكم.
وفي إطار جهود نتنياهو لحماية انهيار حكومته التقى أمس بـ وزير التربية، نفتالي بينيت، أمس الجمعة للتباحث في إمكانية نقل حقيبة الحرب إلى بينيت في أعقاب استقالة أفيغدور ليبرمان، إلا أن نتنياهو أبلغ بينيت أنه في المرحلة الحالية لن يسلمه حقيبة الحرب بسبب ما وصفه بـ "التحديات الهامة التي تتعرض لها إسرائيل".
تطرق معظم اللقاء بين الطرفين إلى صفقة محتملة لمتابعة عمل الحكومة في ظل الوضع السياسي الحالي، الذي يتضمن أغلبية ضعيفة ويواجه رفض وزير المالية، موشيه كحلون ووزير الداخلية، أريه درعي، لمتابعة هذه الولاية في ظل الظروف الحالية.
في السياق قال مصدر قريب من بينيت بعد الاجتماع مع نتنياهو “صار واضحا أن هناك حاجة إلى انتخابات بأسرع ما يمكن لعدم إمكانية استمرار الحكومة الحالية”.
المؤشرات داخل الكيان تظهر عدم إمكانية أن تواصل حكومة نتنياهو عملها، وهذا اتضح في ظل موقف رئيس حزب “كلنا”، كحلون، الذي يعرب فيه عن نيته لإجراء انتخابات باكرا، في الوقت الذي تشير كل الاقتراحات التي طُرِحت إلى أنه لا مفر من إجراء الانتخابات.
ويشير المحللون في "إسرائيل" إلى أن الأزمة الحالية في حكومة نتنياهو تأتي على خلفية موافقة ما يسمى بـ المجلس الوزاري المصغرعلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع غزة، بعد جولة قتال دامت 24 ساعة بين الطرفين. فبعد أن أعلن ديوان نتنياهو أن أعضاء الكابينيت وافقوا بالإجماع على وقف إطلاق النار مع حماس، خرج ديوان ليبرمان ببيان ينفي ذلك ويقول إنه عارض وقف إطلاق النار.
وبشأن الانتخابات بين رؤساء أحزاب الائتلاف في الكيان قالت مصادر سياسية إسرائيلية إن الأحد القادم سيكون موعداً لتحديد ذلك ، إلا أنه وبعد وقت قصير، دحض نتنياهو هذه الأقوال ونفى وجود مواعيد للانتخابات. معتبرا أن السعي لإسقاط الحكومة اليمينية الحالية "خطأ تاريخي". يذكر أن الموعد المقرر للانتخابات "الإسرائيلية" هو نوفمبر من العام المقبل.
كل تلك التحولات الدراماتيكية والتأثيرات التي سيتركها انسحاب ليبرمان من الساحة السياسية الرسمية في الكيان، لن تكون بمثابة وقف للرصاص والصواريخ "الإسرائيلية" ضد الشعب الفلسطيني فأيدي قادة "إسرائيل" ملطخة بالدماء إن كان في رأس الهرم أو غادر الموقع، في المقابل استقالة ليبرمان خلقت حالة من التأيد الواسع لخيار المقاومة في أوساط الفلسطينيين الذين اجمعوا على ضرورة استمرارها لردع الاحتلال.