كلمة الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين الاستاذ زياد النخالة التي وجهها في الذكرى الـ23 لاستشهاد المؤسس الدكتور فتحي الشقاقي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيّدِنا وقائدِنا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه وسلّم.
الإخوةُ والأخواتُ – السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،
إنّنا في هذهِ اللحظاتِ التي نتحدّثُ فيها عنِ القائدِ المميّزِ والشهيدِ الكبيرِ الدكتور فتحي، وفي هذهِ الظروفِ التي تحيطُ بقضيّتِنا ومحاولةِ تصفيتِها وإنهائِها لصالحِ المشروعِ الصهيونيِّ، تصعدُ هنا معانٍ كبرى في حياتِنا. معاني الترابطِ المتينِ التي ربطتنا بهِ مبادئ ورؤى حركتِنا، التي استلهَمَتْ، من الإسلامِ والالتزامِ به، روحَ الجهادِ وروحَ المقاومةِ، والتي جمعتْنا كشعبٍ واحدٍ اليومَ برفعِ رايةِ المقاومةِ في وجهِ المشروعِ الصهيونيِّ الذي يستهدفُ أرضَنا وقِيمَنا وحضارتَنا وإسلامَنا.. والذي تمثّلُ فيه فلسطينُ كلَّ هذهِ العناوينِ وكلَّ هذه المعاني.. والتي تجعلُ من شعبِنا الفلسطينيِّ، بمقاومتِهِ وجهادِه، رأسَ حربةٍ لا تنثلمُ دفاعاً عنِ الأرضِ، ودفاعاً عن العقيدةِ.
الإخوة والأخوات،
إنَّ حركةَ الجهادِ الإسلاميِّ في فلسطين، باستشهادِ الدكتور فتحي، قد فقدَتْ قائداً وطنيّاً كبيراً؛ بل لقد تعدَّتْ صفتُهُ الوطنيةُ لموقعٍ يشملُ العربَ والمسلمين، لِما كان يحملُه من رؤيةٍ ثاقبةٍ، جعلت من القضيةِ الفلسطينيةِ محوراً رئيسياً لكلِّ الذين ينادون بالحريةِ والذين ينادون بالعدالةِ.
إنّ لنا عزاءً كبيراً في الذكرى التي يتركُها وفي ما أبقاهُ لنا للسيرِ على هذا الطريق.. ولكن إنَّ في كلِّ رؤيةٍ، مهما كانت كاملةً، لا يمكن تحقيقُها إلا بأخلاقٍ قادرةٍ على حملِ تلك الرؤية، بأخلاقٍ متينةٍ فيها صلابةُ العزيمةِ وقوةُ الإيمانِ والإرادةِ واعتبارُ المبادئ أهمَّ من الحياةِ نفسِها. لذلك كان الدكتور رمضانُ وإخوانُه الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبَه ومنهم من ينتظرُ، وتمثّلوا كلَّ هذه القيمِ، وكلَّ هذه المبادئ، وأكملوا الطريقَ لتصبحَ حركتُنا اليومَ أكثرَ صلابةً، وأكثرَ قدرةً، وأكثرَ حضوراً..
الإخوة والأخوات،
إنَّ أسوأَ ما نراه من تحدياتٍ اليومَ هو جهلُ الكثيرِ من الناسِ لتاريخِهم وعقيدتِهم وموقعِ فلسطينَ في هذا التاريخِ وهذه العقيدةِ. لذلك، من أوجبِ واجباتِنا اليومَ، ونحن نحملُ البندقيةَ ونؤكدُ على استمرارِ الجهادِ والمقاومةِ التي لن تتوقفَ في مواجهةِ إسرائيلَ أن نرفعَ الصوتَ عالياً بماذا تعني فلسطينُ لنا كأمةٍ، وماذا تعني فلسطينُ لنا كحضارةٍ.. وماذا تعني لنا فلسطينُ كعقيدةٍ. ويجبُ أن لا يفارقَنا الوعيُ بكلِّ هذه المعاني، ونحن نواجهُ في ميادينِ القتالِ، كلَّ أنواعِ التضليلِ وكلَّ أنواعِ الخذلان.
الإخوة والأخوات، يا شعبَنا العظيمَ في كلِّ مكانٍ.. في الضفةِ التي لن تنكسرَ رغمَ كلِّ المحبَطين، وفي غزةَ التي ترفعُ الرايةَ وتتصدّى لكلِّ أنواعِ العدوانِ، وفي الشتاتِ جبهتِنا العالميةِ وسياجِ وحدتِنا.. كونوا أمناءَ على قضيتِكم، وكونوا جنوداً صادقينَ حتى نقفَ بقوةٍ أمامَ هذا العدوِّ، وكونوا على ثقةٍ أننا في اللحظةِ التي نجتمعُ فيها بقوةٍ لن يهزمَنا أحدٌ؛ وفي اللحظةِ التي نتكاملُ فيها لن يستطيعَ أن يفرّقَ صفوفَنا أحدٌ.
ولأبناءِ الجهادِ الإسلاميِّ.. إنَّ مهمةَ الحفاظِ على حركتِنا وقوّتِها والتقدّمَ بها نموذجاً متميِّزاً هي من أهمِّ واجباتِنا اليومَ، حتى نستطيعَ معَ كافّةِ قوى الشعبِ الفلسطينيِّ مواجهةَ هذا العدوانِ على شعبِنا وعلى أمّتِنا وأرضِنا.
وفي نهايةِ كلمتي، لخضر عدنان الذي أصبحَ أيقونةَ جهادٍ ومقاومةٍ للشعبِ الفلسطينيِّ.. نحنُ معكَ رمزاً مميَّزاً تحملُ الرايةَ لا تنكسرُ وستنتصرُ، بإذن الله. للأسرى الذين ننتظرُ حريتَهم، لأولادِنا الذين كبروا في الحصارِ والذين يكسرونَه اليومَ ويفضحونَهُ على حدودِ غزةَ، وكتبوا حياتَهم وقفةَ عزٍّ.
للدكتور فتحي، الذي عاش واستشهدَ من أجلِ ما آمنَ به وآمنّا بهِ جميعاً، وتجرّأَ أن يرفعَ البندقيةَ رايةً لقيامِ حركتِنا ثم ارتقى شهيداً.. لذكراهُ وذكرى الذين ساروا على هذا الطريقِ أرتالاً، شهداءَ وأحياءً، ولم يرتجفوا ولم يتراجعوا.. للدكتور رمضان رمزاً للوفاء.. لكم في هذا اليومِ الوعدُ والعهدُ أن نبقى سوياً حتى النصر إن شاءَ الله.