تحولت تجارة الموت والسلاح "الإسرائيلية" إلى مجال جديد، بما يتماشى مع تطور العصر ومتطلباته، في مجال حرب "السايبر" والتجسس والتنصت.
ولم تتردد دولة الاحتلال في بيع خبراتها ورجالها، من خريجي سلاح شعبة الاستخبارات ووحدة "السايبر" النخبوية لمختلف الدول، بما فيها دول عربية وأخرى إسلامية لا تقيم علاقات رسمية مع دولة الاحتلال، وفي مقدمة هذه الدول، كما يورد تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، البحرين والإمارات وإندونيسيا وماليزيا.
وتبيع الشركات، المسجلة في "إسرائيل"، وأشهرها شركة "أن أس أو"، الأجهزة المتطورة للمراقبة والرصد والتجسس، والأهم من ذلك برامج القرصنة والتجسس، مثل برنامج التجسس الأشهر "بيغاسوس"، الذي يمكّن الدول التي تشتريه من مراقبة هواتف الملاحقين والمعارضين، وتسجيل الاتصالات والمحادثات في الهواتف الذكية الخاصة بهؤلاء الأهداف وتحديد موقعهم بدقة، والقدرة على السيطرة، عبر هواتفهم الذكية، على حواسيبهم، وجعل كل نشاط لهم مكشوفاً للأجهزة الأمنية لدولهم، حتى وإن كانت أنظمة هذه الدول من أكثر الأنظمة قمعاً واستبداداً.
ولعل أبرز ما يبينه تقرير "هآرتس" بهذا الخصوص أن هذه الشركات، بفعل المردود المالي الهائل لها، تتمتع بسرية وبحماية من الدولة والجهاز القضائي، تتيح لها حرية التكتم على هوية الدول والأنظمة التي تتعامل معها، باعتبار ذلك من أسرار الدولة. لكن الشركات والجهات المصدرة لهذه الخبرات لا تملك القدرة على السيطرة أو تحديد أسلوب وكيفية استخدام الحكومات التي تشتري هذه الخبرات والبرامج، ولا وضع قيود على استخدامها. وتفضل الشركات والمؤسسات الإسرائيلية التستر وراء هذا الادعاء حتى لا تخوض في شرعية وأخلاقية استخدام هذه الدول لهذه البرامج.
مع ذلك، يشير التقرير إلى أن الدول، بما فيها العربية والإسلامية (وبعضها لا علاقات دبلوماسية تربطها بإسرائيل)، التي اشترت هذه الأجهزة والبرامج من دولة الاحتلال، لا تتورع عن استخدام هذه التقنيات لتلفيق تهم للمعارضين، تصل حد توجيه الاتهامات لهم بالردة والكفر، ما يمكن من محاكمتهم والزج بهم في السجن بفعل كفرهم وخروجهم عن الدين.
ولا يخفي التقرير أنه حتى بعد الكشف عن حالات التعذيب والملاحقة وانتهاك حقوق الإنسان فقد واصلت الشركات الإسرائيلية ووزارة الأمن بيع هذه الخبرات للأنظمة القمعية والمستبدة، رغم معرفتها باستخدامها ضد مواطنيها المعارضين.
وتشمل قائمة الدول التي تعتمد على الخبرات والمعدات والأجهزة الإسرائيلية في ملاحقة المعارضين من مواطنيها كلاً من البحرين على رأس القائمة، تليها إندونيسيا وأنغولا وجمهورية الدومينيكان وبنما والسلفادور وماليزيا وأوزبكستان وكازاخستان ونيكاراغوا وإثيوبيا وجنوب السودان والمكسيك وفيتنام وهندوراس وأوغندا ونيجيريا والإكوادور والإمارات وكولومبيا والبيرو.