من النافذة... من على شرفة منزلي كنت أرقب الأشجار تتلاطم مثل أمواج البحار.. وكان الهواء يهز شوق العصافير التي تحن إلى موطنها البعيد بعد أن غادرته على حين غفلة من أمرها..
كان كل شيء يوحي بجمال ذلك الصباح الربيعي.. وكان الندى يعبّق وجه الغصون الفارعة.. ثم يكمل سيره نحو التراب بخفة الظل المخاتل.. حين يغيب برشاقة خلف ضوء الياسمين ثم يختفي ليعيد دورته من جديد وفي كل مرة يمارس لعبة الندى المعاند..
وفي كل زواية من ذلك المشهد الجمالي كانت الريح تدغدغ أنس المكان.. وسرب من الحمام يعلو بهاء الحكاية الأولى.. حكاية وطن سليب، فلقد أحالتني كل تلك الصّور إلى مكان بعيد عن تلك الرؤية لكنه في القلب أبداً.. هي فلسطين وجع السنين.. ومرايا العاشقين، وحنين البداية والنهاية..
66 غصّة مرّت علينا مثل آلاف السنين.. ومازلنا نقلب شوق العجائز ونرتب على كتف الصغار جيلاً بعد جيل.. وعاماً بعد عام تكبر فينا ثورة الأمل.. ولاشيء يهدئ فينا غضبة العشق والحنين..
66 ومازالت أمي تقلّم وجه الفراق وتقلّب في صفحات الحكاية.. ويكبر فيها العناد.. تكاد لا تبصر، تكاد لا تسمع، لكن حاسة الشوق ازدادت لديها.. إلى هنالك خلف تلك الظلال والتلال إلى فلسطين الحبيبة.. 66 ولم يكسر الأعداء فيها صوت الطفولة ولن يكسروه..
سامر العريفه